بين اليأس والرجاء تتعلق آمال أهالي المصريين المحكوم عليهم بالاعدام والمؤبد في محاكمتين جماعيتين بأن تثبت الأيام التزام وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي بتحقيق العدالة إذا ما تولى رئاسة البلاد بعد انتخابات الاسبوع المقبل.
وفي ابريل نيسان قرر قاض بمحافظة المنيا في صعيد مصر إحالة أوراق المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين محمد بديع و682 آخرين من مؤيدي الجماعة إلى المفتي لاستطلاع رأيه بشأن الحكم بإعدامهم بعد إدانتهم بتهم من بينها قتل شرطي والاعتداء على مركز شرطة في مدينة مطاي في محاكمة سريعة لم تستغرق سوى بضع جلسات.
وصدم القرار والدة المتهم ياسر عطا الله وأثار دهشتها أيضا.
وقالت إن ياسر شأنه شأن مسيحيين آخرين لديه تخوفات كبيرة من جماعة الاخوان المسلمين وأيد قرار الجيش بالاطاحة بها من السلطة العام الماضي.
وقالت والدة ياسر المسنة التي أنهكها المرض لرويترز "ده مسيحي.احنا مالناش دعوة بالحاجات دي."
وسيراقب حلفاء مصر في الغرب ومنظمات حقوق الانسان التي أدانت المحاكمات الجماعية الوضع عن كثب لمعرفة ما إذا كان السيسي --الذ أعلن عزل محمد مرسي أول رئيس منتخب في انتخابات حرة في البلاد وهو قيادي بجماعة الاخوان -- سيعزز الديمقراطية وحكم القانون كما تعهد.
وتقول الحكومة إنها تحترم استقلال القضاء وتنفي اتهامات من منظمات حقوق الانسان بأنها تؤثر على قرارات المحاكم.
ورغم شكوى بعض المسؤولين الحكوميين في أحاديث خاصة من أحكامالاعدام الجماعية فمن المتوقع أن يقول السيسي الذي يتوقع أن يفوزفي انتخابات الرئاسة يومي 26 و27 مايو ايار الجاري إنه ليس بمقدورهالتدخل في القضاء.
وللقاضي سعيد يوسف الذي أصدر قرار الاحالة الجماعي للمفتي تاريخ من الأحكام القاسية.
وقالت مصادر قضائية إنه حكم العام الماضي على رجل بالسجن 30عاما بسبب سرقة عباءة نسائية من متجر وحيازة سلاح أبيض.
وفي نفس اليوم الذي عرف فيه ياسر عطا الله مصيره أصدر القاضي سعيد يوسف حكما بإعدام 37 شخصا في قضية منفصلة.
وكان هؤلاء بين 529 من مؤيدي الاخوان أدينوا بقتل نائب مأمور مركز شرطة مدينة مطاي التابعة للمنيا التي كانت من أكبر المحافظات تأييدا للاسلاميين. وحكم على الباقين بالسجن المؤبد.
وترتبط الاحكام في القضيتين وهي قابلة للطعن عليها بأعمال العنف التي اندلعت في المنيا بعد تفريق قوات الأمن لاعتصامين مؤيدين لمرسي في القاهرة والجيزة في أغسطس آب ومقتل مئات المحتجين.
وهاجم محتجون غاضبون كل مراكز الشرطة تقريبا بمحافظة المنيا كما اعتدوا على عدة كنائس ربما بسبب تأييد المسيحيين لعزل مرسي بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه الذي امتد لعام واحد واتسم بالاضطرابات والأزمات السياسية والاقتصادية.
وعززت المحاكمتان الجماعيتان وهما الأكبر في تاريخ مصر الحديث مخاوف من استخدام السلطات لكافة إمكانيات السلطة لسحق المعارضين بعد ثلاث سنوات من الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك وأنعشت الآمال في منح حريات أكبر.
* حتى المحامين يواجهون الخطر
وتولي مهمة الدفاع عن متهمين اسلاميين قد تمثل خطورة.
وكان المحامي أحمد عيد يمثل أكثر من 65 متهما في قضية مطاي. وفجأة وجد نفسه معهم خلف قضبان السجن بتهمة التورط في اقتحام مركزالشرطة. وحكم عليه بالسجن المؤبد.
وقالت مها سيد زوجة أحمد وهو أب لطفلين إنه كان من مؤيدي مبارك لكنه عارض عزل مرسي قائلا إنه كان يجب منحه فرصة أكبر من أجل الديمقراطية.
وأضافت "أنا عن نفسي مش هنزل ولا انتخب.. أنا الحكومة والبلد مدتنيش حقي.. ظلمتني .. حابسة جوزي ظلم.. جوزي أدى عمله وبيتحبس عشان أدى عمله."
وقالت مها إنها تنتظر الانتخابات ليأتي رئيس ليصحح هذا الخطأ.
"أنا بصراحة مستنية اليوم اللي هيطلع للبلد رئيس جمهورية..أكيد هيكون ليه دور في أنه يناشد القضاء بأنه يكون قضاء عادل. لو جوزي مكانش محبوس كنت هنتخب السيسي."
وذكرت وسائل إعلام رسمية هذا الاسبوع أن النائب العام قدم مذكرة لمحكمة النقض للطعن على أحكام قضية مطاي. وسيصدر القاضي سعيد يوسف الحكم الخاص بقضية العدوة التي أدين فيها مرشد الاخوان يوم 21 يونيو حزيران.
وهناك آخرون مثل أحمد زغلول الذي حكم على ابنه حاتم (17 عاما) بالإعدام مع 36 آخرين أقل ثقة في أن السيسي سيقدم المساعدة رغم أنه يقول إن هناك مخالفات اجرائية في قضية ابنه. وكان ينبغي محاكمة حاتم أمام محكمة الاحداث بموجب القانون المصري لكن هذا لم يحدث.
وقال زغلول (55 عاما) الذي يؤيد مرسي ويعمل موظفا بقطاع الكهرباء في مطاي ويعيش في قرية كوم بصل القريبة "خايف على القضية وخايف من أن السيسي يصدر فرمانات ضد الناس دي ولا حاجة."
وتقول مصر إن جماعة الاخوان المسلمين واسلاميين آخرين يشكلون تهديدا لامنها واعتقلت قوات الأمن آلاف منهم.
وأشعل ذلك في المقابل هجمات شنها متشددون اسلاميون وأسفرت عن مقتل المئات من عناصر الجيش والشرطة.
وبينما يأمل كثيرون أن تكون الانتخابات بداية لاعادة مصر إلى الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات يخشى آخرون إرثا دائما من الانقسام.
ووصف عمر أحمد الذي يعاني من ضعف البصر ووالد عبد الله الذي هرب بعد اتهامه بالتورط في مقتل ضابط الشرطة في أحداث مطاي الانتخابات بأنها مسرحية.
وقال عمر أحمد وهو من مؤيدي مرسي "أنا مش هنتخب حد لأني حاسس أن محدش هيخدمني ودي مسرحية بتتعمل. أنا أملي في ربنا بس. أي حد يكسب المهم ابني يطلع بس."
وأضاف عمر الرجل الفقير الذي يكسب قوت يومه من كشك بقالة صغير بالايجار في قرية الكوادي قرب مطاي "لو مقتنع باللي جوايا.. عمري ما هدي السيسي لانه ظلمني."
تعليقات الفيسبوك