الأجهزة الرقابية في مصر...من يراقب من؟

الإثنين 31-03-2014 PM 09:01
الأجهزة الرقابية في مصر...من يراقب من؟
كتب:

كتبت: بيسان كساب

"تتبع جميع الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد في مصر للسلطة التنفيذية مما يؤثر على استقلاليتها، باعتبارأن السلطة التنفيذية سوف تكون هي المراقِب والمراقَب في ذات الوقت، وهو ما يخالف المبادئ الرقابية السليمة" هكذا رصدت دراسة، أصدرها مركز العقد الاجتماعي عام 2011، أحد أبرز أسباب الفساد في مصر.

وبعد ما يزيد عن ثلاث سنوات من الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك مطلع 2011 عبر ثورة شعبية اتهمت نظامه بالفساد، لا يبدو أن هذا الوضع قد شهد تغييرا يذكر.

ويتبع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في مصر رئاسة مجلس الوزراء، كما تتبع هيئة الرقابة الإدارية نفس الجهة وكذلك النيابة الإدارية، وتتبع وحدة مكافحة غسل الأموال وزارة العدل وكذلك إدارة الكسب غير المشروع، أما الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة فتتبع وزارة الداخلية.

وتتبع الهيئة العامة للخدمات الحكومية وزارة المالية، فيما يتبع جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وزارة التجارة والصناعة وكذلك جهاز حماية المستهلك.

ويتبع الجهاز المركزي للمحاسبات -الذي يراقب مالية المؤسسات والهيئات الحكومية في مصر- رئاسة الجمهورية مباشرة، وهو وضع لا يبدو إنه يرضي رئيس الجهاز هشام جنينة الذي قال لـ"أصوات مصرية" إنه يرى أن ثمة ضرورة قصوى لتعديل القانون المنظم لعمل الجهاز على نحو يضمن له المزيد من الاستقلالية.

وأضاف جنينة "الجهاز أجرى صياغة لتعديلات مقترحة من جانبه على القانون على أن تُعرض على مجلس النواب بعد الانتخابات البرلمانية (المزمع إجراؤها هذا العام)".

وأعلن الجيش المصري خريطة طريق العام الماضي بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، وتشمل الخريطة تعديل الدستور وهو ما تم مطلع هذا العام وانتخابات رئاسية وبرلمانية، وستجرى الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل ومن المتوقع أن تتلوها البرلمانية.

وقال هشام جنينة "ثمة ضرورة واضحة لضمان استقلالية رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بالذات عبر تحصين موقعه من العزل من قبل رئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية".

وقال جنينة إنه بصدد إعداد مذكرة رسمية يعتزم رفعها لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بشأن واقعة عرقل فيها عاملون في ديوان وزارة الداخلية عمل ممثلي الجهاز الرقابي.

ولم يتسن الحصول على تعليق من وزارة الداخلية، ولم يرد المتحدث باسم الوزارة على اتصالات ورسائل عبر البريد الإليكتروني من قبل "أصوات مصرية".

وقال سامر عطا الله، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لأصوات مصرية إن ثمة ضرورة لتمتع الأجهزة الرقابية وعلى رأسها الجهاز المركزي للمحاسبات بحق تحريك الدعاوى القضائية مباشرة كما هو الحال في عدد من الدول الأوروبية.

وقال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات إنه لا يرى أن ثمة أي وضع خاص يمنحه القانون لجهات تسمى نفسها بـ"السيادية" فيما يتعلق بكيفية الرقابة على أدائها على نحو يضمن عدم انجرافها إلى ممارسات يشوبها الفساد.

وأضاف جنينه -وهو قاض سابق عرف بمعارضته لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك- أن الاصطلاح ذاته لا سند له من القانون.

وقال "ومع ذلك فلا يمكن توقع تعاون كامل من جهات ذات طبيعة حساسة -أو هكذا ترى نفسها- مع ممثلي الجهاز المركزي للمحاسبات أثناء تأدية عملهم في الرقابة عليها.. مقاومة كتلك تبديها هذه الأجهزة استناداً إلى ثقافة سابقة على ثقافة ثورة يناير.. تلك هي ثقافة المجتمع التي ترسخت عبر ممارسات استمرت لنحو ثلاثين سنة أدت لأن يمد الفساد جذوره في هذا المجتمع.. بالطبع يقاوم أصحاب المصالح في كل مؤسسات الدولة كل محاولات كشف الفساد".

وأضاف هشام جنينة "القانون يتيح لنا (أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات) من حيث المبدأ الحق في الرقابة على كل مؤسسات الدولة بما فيها وزارتي الدفاع والداخلية باستثناء ما يتعلق بصفقات السلاح وما إلى ذلك من شئون تتصل بالأمن القومي –فتلك تناقش في لجنة الأمن القومي بمجلس النواب- أما عدا ذلك من أنشطة اقتصادية وخدمية تؤديها القوات المسلحة على سبيل المثال، أو أحرى تتصل بنوادي أفرادها فكلها تخضع لرقابة الجهاز وفقاً للقانون".

وقال سامر عطا الله إن هناك ضرورة لمعرفة حدود السلطة المتاحة للجنة الأمن القومي بالبرلمان أو غيرها حيال الرقابة على الجوانب المتعلقة بالأمن القومي وما إن كان الأمر يقتصر على منحها حق الاطلاع فقط على قرارات السلطة التنفيذية وتوجهاتها في هذا الشأن، أم يمتد لمنحها حق المراجعة والمحاسبة لتلافي الفساد المتعلق بتحقيق أي مسئولين لمصالح شخصية، أو فساد التوجهات نفسها من حيث عدم ملائمتها للصالح العام.

وأوضح "لا ينبغي أن نغفل ضرورة وحق ممثلي الشعب في مراجعة صحة أولويات الإنفاق، يجب أن نتأكد ما إن كان من حق النواب الممثلين للشعب -وهو الممول الوحيد لكل بنود الإنفاق بوصفه دافع الضرائب- أن يناقشوا على سبيل المثال ما أن كان من الملائم أن نمنح الأولوية لبناء مستشفى للجنود أم نادي للضباط".

ويقول مركز العقد الاجتماعي في دراسته إن الرقابة البرلمانية في مصر ونشاطها في مكافحة الفساد ظل ضعيفا لسنوات طويلة لأسباب عدة على رأسها "الأجندة التشريعية المزدحمة لمجلس الشعب والتي تجعل من الوظيفة الرقابية للبرلمان وظيفة ثانوية إلى جانب الوظيفة التشريعية.. واستناد الحكومة إلى أغلبية كبيرة في البرلمان تجعل هذه الأغلبية قادرة على حماية الحكومة من أي استجوابات أواتهامات من لجان التحقيق".

ورغم تلك المشكلات يسعى هشام جنينة لتقوية دور البرلمان ويقول "ثمة ضرورة لتعديل طريقة تعيين رئيس الجهاز (المركزي للمحاسبات) بحيث يتم ذلك عبر السلطة التشريعية لا التنفيذية على نحو يضمن نفي أي شبهة انحياز لصالح السلطة التنفيذية عنه".

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys