كتبت: أمنية طلال
ارتفعت مضبوطات مستحضرات التجميل المغشوشة العام الحالي حتى منتصف الشهر الماضي بنسبة 53% بالمقارنة بإجمالي المضبوطات خلال 2013 كله في مؤشر جديد على اتساع التجارة في هذه المنتجات التي تقبل عليها المصريات بسبب رخص أسعارها.
عدد مضبوطات مستحضرات التجميل المغشوشة ومجهولة المصدر وغير المسجلة بوزارة الصحة وصل إلى أكثر من 2.2 مليون عبوة، في الفترة من يناير 2014 حتى منتصف أغسطس الجاري، كما تم ضبط 78.745 طن خامات غير مطابقة للمواصفات، بحسب مسؤول بمباحث التموين، تحدث لأصوات مصرية مشترطا عدم نشر اسمه.
وأضاف المسؤول أن "عدد قضايا مستحضرات التجميل المغشوشة ومجهولة المصدر في هذه الفترة بلغت 269 قضية".
كان إجمالي عدد قضايا مستحضرات التجميل المغشوشة ومجهولة المصدر في عام 2013 بأكمله قد وصل إلى 1060 قضية، حيث ضبطت مباحث التموين 1.4 مليون عبوة مستحضرات، و10 آلاف لتر مستحضرات، و58 طن خامات.
لماذا يزيد إقبال المصريات على هذه المستحضرات؟
كشفت جولة قامت بها أصوات مصرية في الأسواق أن هذه المنتجات بأسعار رخيصة تبدأ من 2 جنيه إلى 7 جنيهات ونصف الجنيه في المناطق الشعبية مثل الموسكي والعتبة ومحلات (2.5)، وهي محال تبيع كل منتجاتها بجنيهين ونصف.
ويصل سعر أحمر الشفاه إلى 2.5 جنيه، وظل الخدود من 3 إلى 6 جنيهات، وبودرة الوجه من 5 إلى 7.5 جنيه. أما ظل الجفون فيبدأ سعره من 2.5 جنيه، وهو مستوى أسعار يكاد يصل لعشر مستوى أسعار السلع المرخصة قانونيا.
ويعتبر محمد البهي، رئيس شعبة مستحضرات التجميل بغرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية، انخفاض أسعار هذه المستحضرات العامل الرئيسي في الإقبال على شرائها. "هي تجارة مغرية نظرا لانخفاض أسعارها".
وقال محمد رمضان، بائع في محل مستحضرات تجميل بالعتبة، إنه لا يعلم مصدر هذه المستحضرات، مضيفا أنه مجرد بائع وأن صاحب المحل هو من يقوم بشراء البضاعة.
وأوضح أن هناك إقبال كبيرا على مستحضرات التجميل هذه لانخفاض أسعارها، مؤكدا "الزبائن لا ينظرون للعلامة التجارية، لكن السعر هو المهم بالنسة لهم ولا يجبرن على الشراء".
واعتادت منى السيد، وهي موظفة تبلغ من العمر 26 عاما وتقيم بمنطقة المعصرة التي هي من أهم مناطق محافظة حلوان وأكثرها شعبية وكذلك أكثرها كثافة سكانية، على شراء مستحضرات التجميل الخاصة بها من محلات (2.5) الموجودة بمعظم المولات، معتبرة أسعارها "مناسبة لإمكانياتها المادية".
ويحذر البهي من أن هذه المستحضرات مجهولة المصدر، أو ما يطلق عليها "منتجات بير السلم" تضر بالبشرة وقد تتسبب في أمراض منها سرطان الجلد.
"التصنيع عادة ما يكون رديئا للغاية ويضر بالبشرة، حيث تصنع هذه المنتجات من الصودا الكاوية بدلا من الزيوت الطبيعية، ويتم تقليد العبوات الأصلية وتختلف مكوناتها تماما عن مكونات المنتج الأصلي". ويضرب البهي مثلا آخر بالعطور المركبة التي "تستخدم أنواعا من الكحول مضرة بالجلد بنسب مرتفعة، وتشكل خطورة على صحة الإنسان"، على حد قوله.
غير أن منى السيد تقول إنها اعتادت على استخدام البودرة المائية التي لا يتعدى سعرها 6 جنيهات منذ سنوات ولم تعاني من أي مشاكل في الجلد باستثناء ظهور بعض الحبوب على الجلد. "إذا واجهتني مشكلة صحية كبرى بالتأكيد لن ألجأ لهذه المستحضرات مرة أخرى".
وبحسب بحث إنفاق الأسرة الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في نوفمبر 2013، فإن الأسرة المصرية أنفقت في المتوسط ما يقارب 70% من دخلها على الاحتياجات الأساسية من الطعام والشراب والمسكن والمواصلات في 2013/2012، وهو ما يعني أن قدرة كثير من المصريات على الإنفاق على الترفيه عموما ضعيفة بسبب أوضاعهم الاقتصادية.
ويربط مسؤول مباحث التموين بين الزيادة في حجم هذه التجارة وبين التحولات السياسية التي شهدتها مصر منذ يناير ٢٠١١ والتي كان من علاماتها تراجع سيطرة الشرطة على الشارع. "الانفلات الأمني أحد أسباب زيادة هذه التجارة في مصر، فبعد ثورة يناير اتسعت هذه التجارة وزاد عدد المضبوطات من مستحضرات التجميل مجهولة المصدر والمغشوشة"، على حد تعبيره.
من أين تجيء وإلى أين تذهب ومن يراقبها؟
يقول مسؤول المباحث إن المستحضرات المغشوشة يتم تصنيعها في مصانع غير مرخصة، أو تدخل مصر عن طريق التهريب من الخارج بطرق غير مشروعة، موضحا أن 85% منها يتم إعدامها بعد قرار النيابة.
"هناك حملات شبه يومية يقوم بها المكتب ووزارة الصحة لضبط المستحضرات والعقاقير المغشوشة"، يقول مسؤول التموين مشيرا إلى أنه "يتم تحرير محاضر غش تجاري لهم وينتهي الأمر بالحبس سنة وغرامة 10 ألاف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين. والاستئناف عادة يؤدي إلى دفع غرامة مالية فقط".
وينص قانون قمع الغش والتدليس في مادته الثانية على أنه "يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتجاوز خمس سنوات وبغرامة لاتقل عن عشرة آلاف جنيه ولاتجاوز ثلاثين ألف جنيه أو مايعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر: كل من غش أو شرع في أن يغش شيئا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير أو النباتات الطبية أوالأدوية أو من الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك".
وتكشف بعض القضايا التي تم ضبطها في أغسطس فقط أن هذه التجارة لا تقتصر على القاهرة فقد تم ضبط أكثر من 14 ألف كرتونة من الشامبو والمنظفات، وكمية كبيرة من عبوات الكرتون الفارغة والمعدة لتعبئة لماركات، وكمية من البكر اللاصق، وجراكن من المادة اللاصقة، في الدقهلية.
كما صادرت مباحث التموين بالغربية منذ سبعة أيام أكثر من تسعة آلاف عبوة مستحضرات تجميل مغشوشة، وكميات من خامات التصنيع داخل مصنع غير مرخص لغش مستحضرات التجميل بقرية شوبر بدائرة مركز طنطا.
يشير الدكتور عبد الله زين العابدين الأمين العام لنقابة الصيادلة، إلى أن "القانون يحظر بيع الأدوية في غير الصيدليات ولكنه لا يحظر بيع مستحضرات التجميل في محلات تجارية"، معتبرا أن ذلك فتح باب الغش التجاري والتلاعب في مكونات هذه المنتجات التي تخالف المواصفات.
وتضيف الدكتورة مديحة أحمد، مدير عام التفتيش الصيدلي بالإدارة المركزية لشؤون الصيدلة بوزارة الصحة، أن الإدارة ليس لديها حق التفتيش على المصانع أو محلات بيع مستحضرات التجميل، "فهي معنية بالتفتيش على الصيدليات فقط وإجراء محاضر للمخالفين".
وتشير مدير عام التفتيش الصيدلي إلى مصدر آخر للمستحضرات غير المطابقة للمواصفات "يتم الاعلان عنها في الفضائيات ومواقع الإنترنت وهي غير مسجلة بوزارة الصحة ولانعرف عنها شيئا”، مضيفة: "تقدمنا بعدة بلاغات لوزارة الاستثمار مطالبين بعدم الموافقة على إعلانات المستحضرات الطبية بدون الرجوع لوزارة الصحة قبل الإعلان عن أي دواء للحفاظ على صحة المواطنين"، موضحة أن وزارة الاستثمار لم تستجب لأي من هذه المطالبات.
وبحسب مديحة أحمد فإن حملات التفتيش غالبا ما تكون بناء على بلاغات مقدمة من مواطنين.
وتشير إحدى الشكاوى لجهاز حماية المستهلك والتي تم التحقق منها من الجهاز إلى منتجات لإنبات الشعر ومعالجة الصلع تحت اسم "جرو هيرو" بمبلغ 250 جنيها بالاضافة الى مبلغ 30 جنيها مصاريف الشحن ومنتج أخر لتكبير الثدي بمبلغ 250 جنيها بالإضافة إلى مبلغ 30 جنيها مصاريف الشحن كان يعلن عنهما من خلال قناة سينما.
ويقول جمال عبد الحميد، مدير الإدارة العامة للتحريات بجهاز حماية المستهلك إن الجهاز اتصل بأرقام التليفونات المعلن عنها "فحضر المندوب لتسليم المنتجات وقبض قيمتها وتحرر المحضر بالإجراءات الثابت فيه أقوال المندوب عن مقر الشركة وبالتوجه إلى مقر الشركة بمنطقة كفر طهرمس في اليوم التالي، تبين أن العنوان وهمي وعليه تم تسليم المحضر لقسم جنح العجوزة لمخالفة القانون".
تعليقات الفيسبوك