كتبت: منى عزت
قال مسؤولون بوزارة القوى العاملة إن الوزارة لم تتلق أي شكاوى فعلية من التحرش الجنسي بالنساء رغم تأكيد العديد من العاملات تعرضهن للتحرش الذي قالت دراسة للاتحاد العام لعمال مصر إنه يمس 30% من النساء العاملات.
وقالت فاطمة محمد، وهي عاملة في مصنع بمحافظة الغربية " لما باتعرض للتحرش في شغلي مش باقدر أعمل حاجة وباسكت علشان ما اخسرش وظيفتي. وأضافت أن التحرش في المصانع ظاهرة تدفع ثمنها العاملات الفقيرات نتيجة حاجتهن.
وتابعت أن "المشرف في صالة الإنتاج بيستخدم سلطته ويتحرش بينا .. والعاملة اللي ترفض أو حتى تفكر في الشكوى بتتعرض للفصل أو للإهانة والظلم في شغلها".
وقالت "الأزمة الحقيقية إننا ما نعرفش إزاي ناخد حقوقنا أو نشتكي لمين فبنسكت علشان مش هناخد غير الفضيحة أو الطرد".
وفاطمة واحدة من بين 30% من النساء العاملات اللاتي يتعرضن للتحرش اللفظي داخل مواقع العمل، وفقا لدراسة أجرتها سكرتارية المرأة العاملة بالاتحاد العام لعمال مصر في أغسطس 2014.
وأوضحت الدراسة التي أجريت على نحو 20 ألف سيدة وفتاة تتراوح أعمارهن ما بين 20 إلى55 عاما من مواقع عمل مختلفة من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة، أن 30% منهن تعرضن للتحرش اللفظي. وكانت أعلى نسبة في القاهرة، حيث بلغت نحو 70%، بينما قدرت الحالات في محافظات الدلتا بنحو 18%، واختفت الحالات تقريبا بمحافظات الصعيد حيث بلغت نسبتها نصف بالمائة.
كما أثبتت الدراسة أن 50% من العاملات المتعرضات للتحرش في القاهرة يواجهن اضطهادا في العمل بسبب التجاوب مع المتحرش.
ابتزاز العاملات
وقالت نهى أحمد العاملة، بأحد مكاتب البريد في القاهرة، إنها تعرضت للتحرش الجنسي من مسؤول في إحدى الإدارات، له سلطة إشرافية، مؤكدة أنه يستغل هذا في "ابتزاز" النساء حيث يستخدم عبارات ذات إيحاءات جنسية أو يلامس أجسادهن .
وأضافت أن الشكاوى لم تؤد إلى تحرك فعلي مثمر، وقالت "اتخانقت معاه أنا وغيري من الزميلات و قدمنا شكاوى وفعلا اتنقل من وظيفته وبعد فترة رجع تاني لمنصبه، واستمر في تحرشه بالعاملات". وقالت "في شهر فبراير اللي فات حررت زميلة لينا محضرا ضده وقدمت شكوى في النيابة الإدارية ولحد دلوقتي مفيش نتيجة للتحقيقات اللي تمت".
وتقول سمر سامي، مسؤولة لجنة المرأة باتحاد عمال مصر الديمقراطي بالإسكندرية "ماكنتش متخيلة الكم الكبير من جرائم التحرش اللي بتتعرض ليها الستات في أماكن العمل".
وأضافت "بحكم موقعي باسمع عشرات الشكاوى كل شهر من عاملات اتعرضوا للتحرش في أشغالهم ومفيش حد فيهم بيتكلم أو يحاول ياخد حقه".
وأوضحت أن جرائم التحرش الجنسي في الأغلب تقع من الرؤساء في العمل أو من عملاء تتعامل معهم العاملات بحكم طبيعة الوظيفة. وقالت إن كثيرا من العاملات اللاتي التقت بهن يرفضن اتخاذ أي إجراء إما بسبب الخوف على سمعتهن، وإما لعدم اتخاذ الإدارة أي إجراء في حالات سابقة.
واعتبرت سحر عثمان، رئيس سكرتارية المرأة العاملة ونائب رئيس الاتحاد العام لعمال مصر، هذا النوع من التحرش جريمة تضاف إلى جرائم العنف التي تتعرض لها المرأة بشكل عام.
وأوصت بتصميم المكاتب بصورة لا تتيح فرصة للتحرش، مطالبة بمعاقبة أي متحرش بنقله لخارج مؤسسته ليكون عقابه رادعا لغيره.
شكاوى رسمية
وقال هيثم سعد المسؤول الإعلامي لوزارة القوى العاملة، لأصوات مصرية، إنه لم يرد للإدارة المختصة بالوزارة أي شكاوى خاصة بالتحرش الجنسي بالنساء في أماكن العمل، موضحا أن مكاتب التفتيش التابعة لمديريات القوى العاملة لم تتلق أي شكاوى تحرش أثناء قيامها بمهام عملها في أماكن العمل المختلفة.
ووردت لمكتب شكاوى المرأة بالمجلس القومي للمرأة حالتي تحرش جنسي في أماكن العمل، خلال الفترة من 1\12\2014 إلى 30\6\2015.
وأوضحت رشا وجيه، المحامية بمكتب الشكاوى بالمجلس القومي للمرأة، أن الشكويين من جهات حكومية وجاءت الأولى من مجلس الوزراء، "وأرسل المجلس القومي للمرأة مذكرة بهذه الشكوى لمجلس الوزراء منذ شهرين ولم يصلنا لنا رد حتى الآن".
أما الحالة الثانية فكانت من وزارة الصحة وأقامت الشاكية دعوى قضائية لا تزال منظورة أمام القضاء الإداري حتى الآن.
ما العمل؟
قالت رشا وجيه إن المجلس يقدم الدعم القانوني للنساء من خلال فريق من المحامين والمحاميات في جميع فروعه بالمحافظات.
وأوضحت أن المجلس القومي للمرأة يخاطب الجهات المعنية لاتخاذ الإجراء المناسب، ويقوم بإصدار تقارير ربع سنوية وتقرير عام سنوي بجميع الشكاوى التي ترد لمكتب الشكاوى.
وأكدت شيماء أحمد الأمين العام لنقابة المعلمين المستقلة على ضرورة توثيق حالات العنف الجنسي التى تتعرض لها النساء داخل أماكن العمل.
وذكرت دراسة أصدرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2013، أن 99% من النساء المصريات تعرضن لنوع من التحرش. وقال المجلس القومي لحقوق الإنسان في نوفمبر 2012 إن أكثر من 70% من النساء المصريات يتعرضن للتحرش في الشوارع والأماكن والمواصلات العامة.
وكان عدد من النقابيات اقترحن بالتعاون مع مؤسسة المرأة الجديدة تعديل قانون العمل وتضمين بند ينص على معاقبة صاحب المنشأة أو من يملك سلطاته بالحد الاٌقصى المقرر للعقوبة الواردة في قانون العقوبات إذا ارتكب أيا من الأفعال التي تشكل جرائم (ومن بينها جرائم العنف الجنسي) مادامت ارتكبت مع العاملة أثناء العمل أو بسبب علاقة العمل.
كان الرئيس السابق عدلي منصور أصدر قرارا بقانون في يونيو 2014 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، لتوسيع تعريف جريمة التحرش وتغليظ العقوبة على من تثبت إدانته بها.
(الأسماء المستخدمة للنساء العاملات المتعرضات للتحرش في مواقع العمل هي أسماء مستعارة لحماية هوية الشخصيات الحقيقية)
تعليقات الفيسبوك