كتبت: أمنية طلال

الجميع على المقهى في انتظار النتيجة مسلطين أعينهم على التلفاز، هذه المرة الانتظار يخلو من أي حماس أو إثارة، لكنه "الحدث الأهم" من وجهة نظر بعض الجالسين على المقهى، إذ كان يهم عدد كبير منهم حجم المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخير بعد تضارب الأقوال بشأن نسبة الإقبال على التصويت.

على مقهى "غزال" كما يعرفه رواده أنماط مختلفة من البشر ما بين الحرفيين الذين يعملون في ورش الحدادة والسيارات والرولمان بلي، والصحفيين والكتاب ورسامي الكاريكاتير، والعابسين غير المهتمين بما يجري في الكون.

العيون مسلطة على التلفاز في حالة تركيز رغم علم الجميع بمؤشرات تدل على أن السيسي هو الفائز في هذه الانتخابات، إلا أنهم قرروا تبادل النكات لكسر حدة ملل المقدمات الطويلة والتفاصيل غير المهمة لعدد منهم، فقال أحدهم "أنا قلقان أوي من النتيجة" رد زميله "تفتكر مين اللي هيفوز في الانتخابات"... لتتعالى ضحكاتهم التي تملأ المكان وتشجع الآخرين على الضحك.

كلما مرت الدقائق وطالت كلمة المستشار أنور العاصي، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، قبل إعلانه للنتيجة زاد الملل وزاد معه دخان "الشيشة"، وزاد الطلب على المشاريب في محاولة للتغلب على الملل.

انقسام واضح بين رواد المقهى ما بين مهتمين بسماع النتيجة والأرقام النهائية وأخرون غير مهتمين، معتبرينها "تحصيل حاصل" على حد تعبير أحدهم.

صوت "بشرة خير" و"تسلم الأيادي" يعلو في بعض المحلات التجارية المحيطة بالمقهى الموجود في شارع شامبليون في وسط المدينة، وحاملو الأعلام يمرون من أمام المقهى متجهين إلى ميدان التحرير استعدادا للاحتفال بـ"الرئيس الجديد" قائلين "من الجمالية على الاتحادية".

أما العاملون بالمقهى فهم منشغلون جميعهم بتلبية طلبات الزبائن، إلا مالكها "عم ياسين" الذي اتخذ لنفسه موقعا متميزا أمام التلفاز ليرى ويسمع بوضوح، ولا يمكن أن تعرف توجهاته فلم يعلق أي لافتة دعاية للمرشحين، فالرجل يعرف رواد المقهى جيدا ولا يمكن أن يخسر أحدهم.

أخيرا أعلن العاصي النتائج النهائية بفوز المشير عبد الفتاح السيسي برئاسة مصر بعد حصوله على 23.780.104 صوت بنسة 96.91 % من الأصوات الصحيحة، وحصول منافسه السياسي اليساري حمدين صباحي حصل على 757.511 صوتا بنسبة 3.09 %، لتتعالى هتافات البعض "سيسي .. سيسي".

 لكن السؤال الذي انتقل بين الرواد سريعا "كام مليون انتخبوا السيسي؟" رد عم ياسين "ما تعدش"، لتبدأ النكات من قبل أحد الرواد قائلا  "أنا اتفاجئت الحقيقة"، فيرد صديقه "دي الأصوات الباطلة مع أصوات السيسي مع حمدين عدت 104 % .. هو فيه مستوى رفيع"، وسريعا ما عادت المقهى إلى طبيعتها فيما اتجه المحتفلون إلى التحرير.