كتبت: رحمة ضياء
"مقدرش أخلي أولادي ياكلوا حاجة مش مغلفة وبتتصنع تحت بير السلم".. بهذه الكلمات بررت ربة المنزل غادة رضوان عزوف عائلتها عن شراء عروسة المولد التقليدية المصنوعة من السكر، وتفضيل الأشكال المتطورة منها، والتي تصنع من البلاستيك.
ووصفت غادة الأشكال الجديدة لعروسة المولد بأنها "مبهجة"، لأنها تصدر نغمات وحركات راقصة، ويسعد بها الأطفال في المولد النبوي.
عادة فاطمية
ويرتبط الاحتفال بالمولد النبوي، الذي يوافق يوم 23 ديسمبر الجاري، بشراء أنواع الحلوى المختلفة، وحصول الأطفال على الهدايا فتأخذ الفتاة عروسة ويحصل الصبي على حصان.
مع تطور هذا التقليد، الذي يعود إلى العصر الفاطمي، تطورت أشكال حلاوة المولد وأصبح تصنيع العروسة والحصان "الحلاوة" -المصنوعة من السكر- يتم على نطاق محدود، في عدد من المصانع الموجودة بشارع باب البحر، الذي يمتد من ميدان باب الشعرية إلى منطقة الفجالة برمسيس.
وفي جولة لأصوات مصرية بشارع باب البحر، رصدنا مظاهر تلوث بعدد من تلك المصانع ظهرت في عدم نظافة المكان، والأدوات المستخدمة في عملية تصنيع الحلوى، ورفض أصحابها التصوير بداخلها أو الحديث للإعلام.
في حين تنتشر العروسة والحصان، المصنعان من البلاستيك، في العديد من الأسواق وبأشكال متعددة.
طقوس المولد
لا تزال بعض الأسر تتمسك بالطقوس التي نشأت عليها، فتقول ربة المنزل، التي عرفت نفسها بـ"أم أحمد"، خلال شرائها لعروسة المولد من شارع باب البحر:"العرايس البلاستيك كلها تقليد، إنما الأصل هو العروسة الحلاوة المعمولة من السكر".
وتضيف وهي تشير إلى عروسة مزينة بالأوراق الملونة في أحد المحلات:"هي دي عروسة المولد اللي نعرفها، اللي بتتاكل وتفرح العيال"، وبسؤالها عن علمها بمخاطرها الصحية المحتملة، ردت"أم أحمد" بابتسامة مؤكدة :"ربنا هو الحارس".
ويرفض شريف طنطاوي، رب أسرة، أن يشتري لأطفاله عروسة المولد حفاظا على صحتهم قائلا:"معروف أن العروسة الحلاوة بتتعمل من رواسب وبواقي السكر، والعروسة البلاستيك بتتعمل من أسوء أنواع البلاستيك والقطن".
حلاوة زمان
وقال حمدي محمد، بائع حلوى وعرائس في ميدان باب الشعرية، لأصوات مصرية، إن حلاوة المولد تصنع محليا، ويشتهر شارع باب البحر بكثرة المصانع التي تنتج حلاوة المولد وعروسة المولد "بتاعت زمان"، أما العروسة البلاستيك فيتم استيرادها من الصين.
ولفت إلى أنهم لا يبتاعون من تلك المصانع ويتعاملون مع مصنع معروف بمنطقة العبور، لرفضهم التعامل مع مصانع "بير السلم" حرصا على جودة منتجاتهم.
السعر حسب الحجم
ويشير إلى أن أسعار العروسة التقليدية تبدأ من 15 جنيها، وتصل إلى 25 جنيها حسب حجمها، بينما يبدأ سعر الحصان من5 جنيهات وصولا إلى 20 جنيها، وهناك السفينة وسعرها 25 جنيها وتصنع أيضا من السكر ويتم تناولها.
أما العروسة والحصان البلاستيك فتبدأ أسعارهما من 30 جنيها ووصولا إلى 100 جنيه حسب حجمها والخامات المستخدمة في تزيينهما.
وقال محمد رأفت رزيقة، رئيس شعبة السكر والحلوى باتحاد الصناعات، لأصوات مصرية، إنه من الصعب حصر إنتاج مصر من "حلاوة المولد"، نظرا لوجود العديد من المصانع غير المرخصة بمحافظات الدلتا والقاهرة، وبالتالي إنتاجها غير معروف.
ويلفت إلى أن استهلاك مصر العام من السكر يبلغ نحو 3 مليون طن سنويا.
وأشار إلى ارتفاع أسعار "حلاوة المولد" هذا العام، لارتفاع أسعار بعض الخامات التي تدخل في صناعتها مثل البندق واللوز وجوز الهند، موضحا أن ارتفاع الأسعار جاء نتيجة ارتفاع سعر الدولار، وهو ما أثر على أسعار الخامات التي يتم استيرادها من الخارج.
كما أشار إلى أن مصر تشتهر بصناعة "حلاوة المولد"، وتصدرها إلى بعض الدول مثل السعودية والإمارات.
أصل العروسة
وعن أصول عروسة المولد قالت عائشة شكر، باحثة في علم الفلكولور والعادات والمعتقدات الشعبية، لأصوات مصرية، إنها تعود إلى العصر الفاطمي، حين بدأ احتفال المصريين بالمولد النبوي لأول مرة.
وأشارت إلى أن مصر مشهورة منذ عصر الفراعنة بالمواكب والاحتفالات الدينية والشعبية، مع اختلاف طبيعة الاحتفال ورمزيته من عصر إلى آخر.
وأضافت أن جميع الاحتفالات المصرية ارتبطت بتناول أطعمة معينة، واحتفلت مصر الفاطمية بالمولد النبوي بحلاوة المولد التي يتم تناولها في هذه المناسبة.
ولفتت عائشة إلى أن العروسة المصنوعة من السكر لم تكن الشكل الوحيد، وكان هناك أشكال متعددة مثل الحصان والسفينة والحمامة والديك، وأنهم ابتكروا هذه الرموز من العناصر الموجودة في البيئة المحيطة بهم وقتها.
وأضافت :"كان الولد يحصل على الحصان لتعظيم قيمة الفروسية لديه، وتحصل الفتاة على العروسة، وهما رمزان لأدم وحواء، والحياة بأكملها التي تنشأ من زواجهما".
وعلقت على تطور هذه الدمى، قائلة أنه أمر طبيعي مرتبط بتطور العصر واختلاف الأذواق والغزو الصيني على سوق الألعاب.
تعليقات الفيسبوك