عند مدخل قرية العدوة مسقط رأس الرئيس المصري السابق محمد مرسي كان عشرات من أفراد الشرطة والجيش يحرسون مركزين للاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية التي يتوقع أن يفوز بها قائد الجيش الذي أعلن عزله من السلطة.
وتتناقض الاجراءات الأمنية مع شعور نادر بالوحدة داخل القرية التي تتخللها حقول الأرز والذرة التي تشقها طرق ترابية وتقع قرب مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية.
وتزايدت حدة الاستقطاب السياسي في مصر بعد إعلان قائد الجيش ووزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي عزل مرسي في يوليو وشن الحكومة حملة صارمة ضد جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي لها.
وأعلنت الحكومة الاخوان المسلمين جماعة إرهابية وتقول إنها تهدد الأمن القومي وهو الموقف الذي يدعمه الكثير من المصريين وينكره الاخوان.
لكن في مسقط رأس مرسي يبدو أن هناك رغبة في الحفاظ على التآلف وهي سلعة نادرة هذه الأيام في البلاد التي تعاني الاحتجاجات والعنف السياسي وموجة من هجمات المتشددين.
ويوجد بالعدوة عدد لا بأس به من مؤيدي للسيسي مثل رجل الأعمال أحمد العزب الذي أشاد بالسيسي "لاطاحته بجماعة الاخوان المسلمين وانقاذ مصر من أفكارهم الداعية لاقامة خلافة اسلامية".
وذكر أن مؤيدي السيسي بالقرية يتعاملون بحساسية نظرا لصدور احكام بسجن 18 من مؤيدي الاخوان من ابناء القرية.
وصوت العزب بالفعل لصالح السيسي لكن مؤيدين آخرين له لم يدلوا بأصواتهم لشعورهم بالحرج ولمراعاة الشعور العام.
وقال رئيس االلجنتين الانتخابيتين بالقرية إن نحو 350 فقط أدلوا بأصواتهم حتى ظهر اليوم الثلاثاء من بين أكثر من سبعة آلاف ناخب مسجل.
وبدأت الانتخابات أمس الاثنين وقررت لجنة الانتخابات الرئاسية مد التصويت ليوم ثالث غدا الاربعاء.
وقال المشرف القضائي عبد الرحمن عصام رئيس لجنة السيدات التي اقيمت بمقر جمعية الاصلاح الزراعي عند مدخل القرية "الناخبات يرفضن وضع اصابعهن في الحبر السري حتى لا يعرف أنهن انتخبن."
وأعلن السيسي عزل مرسي بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه الذي امتد لعام واحد.
واتهم المصريون مرسي بالاستحواذ على السلطة وفرض رؤية الاخوان المسلمين وسوء ادارة الاقتصاد.
ويقول الاخوان إن السيسي قاد انقلابا عسكريا ويتهمونه بتقويض المكاسب الديمقراطية التي تحققت عقب الاطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011.
ويحاكم مرسي مع عدد آخر من قيادات جماعة الاخوان المسلمين وقد تصدر ضدهم أحكام بالاعدام.
ومظاهر الرفض والغضب الاخوانية واضحة للعيان في القرية الهادئة بدلتا النيل.
وتعج القرية بملصقات تقول "قاطعوا انتخابات الدم" وتصف الانتخابات بأنها "باطل".
وكان اطفال صغار يرددون هتاف "يسقط يسقط حكم العسكر". والملصق الوحيد للسيسي كان ضده ويصور بقعا من الدم على وجهه.
لكن لا يبدو أن هذه المظاهر تثير حفيظة مؤيدي السيسي ومن بينهم تاجر الماشية أحمد ابراهيم سليم.
وقال سليم الذي ذكر أنه تحايل لدخول لجنة الانتخاب دون أن يلحظه جيرانه المؤيدون للاخوان "الناس مبتنتخبش عشان الدكتور محمد مرسي. احنا أهل واحنا في قرية ودي طريقة تفكيرهم."
وقتلت قوات الأمن مئات من مؤيدي مرسي واعتقل آلاف آخرون. كما قتل مئات من أفراد الجيش والشرطة في هجمات وتفجيرات نفذها متشددون.
ويرى محمد ابراهيم وهو سائق توك توك (عربة صغيرة بثلاث عجلات) إن مرسي تعرض لظلم وأنه عزله تسبب في انهيار مصر.
لكنه تحدث أيضا عن ضرورة الحفاظ على التآلف والانسجام في قرية العدوة.
وقال "احنا نعتبر أسرة واحدة ونعتبر بيتا واحدا."
تعليقات الفيسبوك