رغم مشاعر الحماس والتطلع نحو الديمقراطية التي تطغى على المدن المصرية الكبرى قبل الانتخابات الرئاسية إلا أن كثيرا من مواطني المحافظات البعيدة مازالوا مأخوذين بالحنين إلى الماضي بنظامه الاستبدادي.
وفي مدينة سوهاج التي تقع على بعد 400 كيلو متر جنوبي القاهرة يشعر السكان بالانزعاج من الاضطرابات وغياب الامن والاضرابات العمالية منذ الاطاحة بحسني مبارك العام الماضي.
وقال متياس رزق (65 عاما) الذي يعمل مزارعا ويعتقد ان الحياة كانت افضل في ظل حكم مبارك "مصر أرض الفراعنة واذا لم يحكمها فرعون بيد من حديد فلن يفلح الامر." واضاف وقد امتلأ صوته بالسخط "هل تعجبك الحالة التي نعيشها اليوم؟ هل يعرف احد أين نحن أو إلى أي كارثة نتجه؟"
ويؤيد احدث استطلاع للرأي نشر يوم الأربعاء في صحيفة المصري اليوم اليومية التوقعات بسباق مفتوح في الانتخابات الرئاسية حيث لم يحدد 37 في المئة من الناخبين رأيهم بعد.
وقال الاستطلاع الذي اجراه المركز المصري لدراسات الرأي العام ان احمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك سيحصل على 16.3 في المئة في الجولة الاولى التي تجرى يومي 23 و24 مايو ايار ويحصل وزير الخارجية الاسبق عمرو موسى على 16 في المئة وحصول المرشح الاسلامي عبد المنعم ابو الفتوح على 12.5 في المئة.
وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى ميل المناطق الريفية إلى اعطاء التأييد الأكبر لرموز المؤسسة الحاكمة السابقة. لكن استطلاعات الرأي غير موثوق بها في بلد شهدت فيه الانتخابات تزويرا واسعا لعقود.
وفي الوقت الذي يدور فيه الجدل في المناطق الحضرية في مصر حول شكل الدستور الجديد واثر الاسلام السياسي على الحياة العامة وامكانية تخلي الجيش بالفعل عن السلطة للرئيس الجديد للدولة الا ان الملايين في الاماكن الاخرى يفكرون في اولويات اخرى.
ويقول سكان سوهاج وهي واحدة من المدن التي ترقد على طول وادي النيل حيث تزايد السكان بشكل كبير انهم يحلمون بمجتمع اكثر استقرارا ويتمنون تحقق الامن. وسوهاج واحدة من مدن الصعيد حيث يمكن ان يكون الانتماء القبلي او إلى شخصية غنية مؤثرة محليا أقوى من الرأي الشخصي في الانتخابات. لكن الآراء التي يمكن تبنيها هنا من الممكن ان تكون موجودة ايضا في دلتا النيل المركز الزراعي والصناعي.
ومن الممكن ان تساعد الرغبة في الاستقرار والتأثير الذي تملكه العائلات الكبرى والقبائل المرشحين الذين ينحدرون من نظام مبارك مثل شفيق وموسى.
وعلى الرغم من انه يبدي درجة كبيرة من الثقة بالنفس فشفيق يبدو اقل فصاحة من بعض منافسيه في السباق ويحلو لوسائل الاعلام اقتباس اخطائه اللغوية الطريفة والتركيز على فشل خطته في تقديم حلول اقتصادية مفصلة. لكن ما يقوله قد لا يكون بأهمية حقيقته كقائد اسبق للقوات الجوية مثل مبارك.
ووعد شفيق في تأكيد على خلفيته العسكرية بانهاء الفوضى الامنية التي اعقبت الاطاحة بمبارك. واتخذت حملته شعار "الأفعال وليس الكلام".
وقال احمد عبد الحليم (45 عاما) الذي يعمل موظفا في الحكومة إن مصر تحتاج إلى شخصية قوية قادرة على استعادة حكم القانون والنظام الذي تدهور كمعنويات الشرطة بعد عام من الانتفاضة. وقال "لا يمكنني ان اصطحب زوجتي إلى المستشفى إذا مرضت ليلا - فمن الممكن ان يهاجمنا البلطجية. لا يمكن ان تمضي الامور بهذا الشكل."
واضاف رزق المزارع ان ما تحتاجه سوهاج هو زيادة اسعار المنتجات وتحسين اجراءات الحصول على الاسمدة والمخصبات الزراعية وغيرها من المنتجات. وقال "هذا هو المفيد للمزارعين."
وتعد اللافتات المعلقة في المدينة باستعادة الامن. ولا يبدو ان كثيرا من سكان سوهاج قد اتخذوا قرارهم بشأن الانتخابات الرئاسية بعد. ويقول بعضهم انهم مستعدون لانتخاب رئيس له خلفية إسلامية أو عسكري سابق.
ويقول عمر عبد اللطيف (59 عاما) من قرية الباجا ان الوقت ربما يكون قد حان لاعطاء الاخوان المسلمين الرئاسة عن طريق التصويت لمرشحهم محمد مرسي.
وتحظى جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة في عهد مبارك بشعبية في العديد من المناطق الشعبية بسبب اعمالها الخيرية وتوجد في سوهاج نسبة فقر تتجاوز 40 في المئة حسب ما يقوله تقرير التنمية البشرية المصري.
وقال عبد اللطيف ان الباجا واحدة من اكثر المناطق تعرض اللاهمال وانها محرومة من الصرف الصحي والعلاج "واي شيء خلقه ربنا". لكنه قال "هذه البلاد يجب ان يحكمها رجل عسكري. لا يمكن ان يدار هذا البلد إلا بالحزم... والحقيقة ان مبارك لم يفعل شيئا سيئا لكنه كان محاطا بأشخاص فاسدين."
وقال مروان علي الذي يقوم بالدعاية لعمرو موسى ان الديمقراطية بضاعة صعبة التسويق خارج القاهرة وبين الناس الذين يتبنون اولويات اكثر الحاحا مثل نقص الوقود وغاز البوتاجاز.
وقال "الناس تشعر باليأس... هناك غضب تجاه الثورة ويقولون اننا لم نر يوما جيدا منذ الثورة."
اما طارق عزب المنسق المحلي لحملة المرشح الاسلامي محمد سليم العوا فيقول ان الناخبين في سوهاج مهتمون بشكل اكبر بخلفية المرشح لا بسياساته. وظهر التوجه نفسه بين العديد من المواطنين في الدلتا شمالالقاهرة.
وقال محمود عبد الرازق (52 عاما) من مدينة طنطا "شفيق رجل عسكري جاد ومحترم وهذا يجعله الافضل للقيادة وحماية البلاد ووقف الفوضى المستمرة وفرض كلمته على الجميع."
تعليقات الفيسبوك