استيقظ المتعاملون في البورصة المصرية اليوم الثلاثاء على أنباء تطبيق قرار بفرض ضريبة على مساهمي الأقلية في صفقة استحواذ بنك قطر الوطني على الأهلي سوسيتيه جنرال مما ألقى بظلال قاتمة على السوق ودفعها للهبوط بشدة.
ويرى خبراء ومحللون أن فرض ضريبة بنسبة عشرة بالمئة على أرباح صفقة استحواذ بنك قطر الوطني على الأهلي سوسيتيه جنرال يأتي في توقيت سيء للسوق التي تعاني من ضبابية الرؤية الاقتصادية والسياسية ويضعف المصداقية في مناخ الاستثمار.
وقال رئيس مصلحة الضرائب المصرية ممدوح عمر في خطاب للبورصة المصرية اليوم إنه سيتم فرض ضريبة بنسبة عشرة بالمئة على صفقة استحواذ بنك قطر الوطني على الأهلي سوسيتيه جنرال.
وقال عمر إن بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي الذي باع حصته البالغة 77 بالمئة في الأهلي سوسيتيه غير خاضع للضريبة في ضوء اتفاقية منع الازدواج الضريبي مع فرنسا.
ويعني ذلك أن الحصة الباقية التي تبلغ 23 بالمئة والمملوكة لمستثمرين أفراد وصناديق استثمار ستخضع لضريبة العشرة بالمئة.
وجاء رد فعل المؤشر الرئيسي للبورصة اليوم عنيفا إذ هبط 1.95 بالمئة إلى مستوى 5129 نقطة عند الإغلاق فيما هوى سهم الأهلي سوسيتيه جنرال عشرة بالمئة إلى 34.65 جنيه بعدما أغلق أمس عند 38.60 جنيه.
ووصف هاني حلمي رئيس مجلس إدارة شركة الشروق للوساطة في الاوراق المالية فرض الضريبة بانه "إتاوة غير مشروعة" ولا يتيح للمساهمين حق الاختيار أو حق الرفض لأن القرار صدر بعد أن انتهت أمس الاثنين مدة عرض شراء قطر الوطني لحيازات المساهمين في الأهلي سوسيتيه من السوق والتي استمرت من 26 فبراير الى 25 مارس بسعر 38.65 جنيه للسهم.
وأضاف حلمي أن ذلك مخالف لشروط الصفقة التي خلت من أي إشارة لفرض الضرائب وقال "العقد شريعة المتعاقدين.. تفاصيل الصفقة تعلو على القوانين والقانون لا يطبق بأثر رجعي."
وقال إن تأثير مثل تلك القرارات على السوق "سلبي جدا جدا جدا ويفقد المصداقية" مضيفا "مفيش ولا مستثمر هايصدق حد بعد كده."
لكن محمد عبد السلام رئيس مصر للمقاصة قال إن الضريبة التي ستفرض على مساهمي الأقلية في صفقة الاستحواذ ستكون على فرق السعر بين البيع والشراء وذلك فقط إذا كان هناك مكسب للبائع.
وأوضح عبد السلام "لو كان متوسط الشراء لأحد حاملي أسهم الأهلي سوسيتيه جنرال أو الكمية اللي يبيعها سعرها في المتوسط 30 جنيها في هذه الحالة سيجري خصم 10 بالمئة من الثمانية جنيهات الفرق.. "لكن لو متوسط شراء الكمية كان 40 جنيها اذا لن يخصم أي شيء لإنه بذلك يكون خاسرا."
وينص القانون الذي أقره الرئيس محمد مرسي في ديسمبر الماضي على فرض ضريبة بنسبة عشرة بالمئة على الأرباح المحققة من كل طرح أولي والأرباح الناتجة من بيع الأسهم والحصص في عمليات الشراء أو المبادلة في صفقات استحواذ إذا تجاوزت 33 بالمئة.
ونقل موقع اليوم السابع عن رئيس مصلحة الضرائب قوله إنه سيتم خصم الضريبة من مساهمي الأقلية وتوريدها لحين اتضاح ما ستسفر عنهم ناقشات مجلس الشورى التي ستبدأ الاسبوع المقبل للتعديلات الضريبية الجديدة.
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر وافقت في فبراير على عرض بنك قطر الوطني لشراء 100 بالمئة من أسهم البنك الأهلي سوسيتيه جنرال في مصر بسعر 38.65 جنيه (5.69 دولار) للسهم.
وأكد عبد السلام إنه ليس هناك أي احتمال لفرض ضرائب بأثر رجعي على عمليات استحواذ سابقة.
وقال "مفيش إطلاقا أي احتمال فرض ضرائب بأثر رجعي على عمليات استحواذ سابقة. قوانين الضرائب تطبق من يوم صدورها ولا تطبق بأثر رجعي."
ومع ذلك أبدى عدد من الخبراء والمحللين استياءهم من القرار فقال أسامة مراد الخبير الاقتصادي "هذا قرار بسرقة المستثمرين المصريين.. الناس جمدت أسهمها منذ فترة كي يبيعوها بسعر معين ولم يكن هناك أي ذكر للضرائب عند الإعلان عن الصفقة."
وأضاف "لو كانت المعلومة معروفة للجميع كانت الناس باعت. حتى الأمس كان لدى الناس فرصة لبيع السهم عند 38 جنيها.. سنقوم برفع قضايا قانونية نطالب فيها بالتعويض المادي والادبي."
فيما قال إيهاب سعيد لدى شركة أصول للوساطة في الاوراق المالية إن القرار يضيف إلى سلسلة من القرارات الأخيرة التي تؤدي "لتدمير مناخ الاستثمار في مصر" مضيفا أنه كلما شهدت السوق مزيدا من تلك القرارات زادت احتمالات اتجاهها نحو النزول.
وقال "السوق ردت عليهم أبلغ رد...لا حاجة للكلام بعد ذلك."
فيما رأى محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار أن الهدف الرئيسي من الإجراء هو "التحوط من جانب مصلحة الضرائب حتى لا تتكرر أي أخطاء سابقة لها في صفقات مماثلة."
وقال عادل "كان من الضروري أن يدرج مثل هذا الأمر في نشرة عرض الشراء أو على الأقل توجيه خطاب إلى إدارة البورصة خلال فترة تسجيل أوامر البيع بمضمون ما حمله الخطاب اليوم."
وأوضح أن تأخر صدور الخطاب لحين إغلاق باب تلقي طلبات البيع تسبب في حالة ارتباك شديد ولم يمكن المستثمرين من مراجعة قراراتهم الاستثمارية وهو ما زاد حالة الارتباك التي تمر بها السوق المصرية.
وطالب عادل بتوضيح الأسس القانونية التي تم عليها اتخاذ مثل هذا الاجراء وأسس احتساب الضريبة "للحفاظ على البقية الباقية من ثقة المتعاملين بالسوق خاصة أن تكرار مثل هذه القرارات أصاب مناخ الاستثمار في البورصة بحالة من الارتباك يجب أن تعالج."
وعكست تعليقات المتعاملين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر مشاعر السخط والاستياء من صدور قرار فرض الضريبة بعد أن عرض المستثمرون أسهمهم للبيع.
واستنكر احد المتعاملين صدور القرار "بعد ما الناس كلها عرضت أسهمها للبيع." وتساءل آخر لماذا يدفع المصريون الضريبة دون الجانب الفرنسي فيما وصف أحدهم القرار بأنه "جريمة اقتصادية جديدة."
تعليقات الفيسبوك