قال باحث سياسي أمريكي إن وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة في مصر حدث بسبب ضعفهم الذي أجبرهم على عقد سلسلة من التنازلات في مواجهة الجيش والولايات المتحدة وبقايا النظام السابق معرباً عن تخوفه من أن تؤسس القوى الغربية استراتيجيتها على دعم الإخوان سياسيا واقتصاديا.
وأوضح بولس عمار – الأكاديمي بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة و الباحث في مركز الدراسات الدولية والعولمة - في حوار مع أصوات مصرية أن هذه التنازلات والاتفاقات قادت الجماعة إلى السلطة والفوز بانتخابات الرئاسة رغم انشقاق جزء من قاعدتها الشابة، وانخفاض ملحوظ في شعبيتها.
ويرى عمار أن الغرب لديه سوء فهم مزدوج عن السياسة المصرية الحالية؛ فهو يعتقد أولا أن الفقراء يتحدثون فقط بلغة "الإسلام"، وأن الديمقراطية وفتح المجال السياسي بالضرورة تعني "الأسلمة"، ويعتقد ثانيا أن التنظيم السياسي الوحيد في مصر هو جماعة الإخوان.
ويقول إن الأكاديميين والدبلوماسيين في الغرب يدعون للتعاطف مع الإخوان، فهم من يختارهم الشعب كوجه ديمقراطي في دول عربية عدة وفي مصر على الأخص، والولايات المتحدة تريد أن تبدو متسامحة ومنفتحة بتأييدها للإسلاميين.
ويرى أن هذه الفكرة تحمل خطر أن تؤسس القوى الغربية استراتيجيتها على دعم الإخوان سياسيا واقتصاديا، وعلى "نبوءة غير صحيحة" ولكن الإيمان بها قد يجعلها تتحقق.
ويرى أن الجغرافيا الحقيقية للسياسة المصرية ترسمها نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة واتجاهات التصويت فيها، لا الجولة الثانية التي ميزها تصويت مبني على الفزع من فوز الطرف الآخر.
ولقناعته بضرورة تقديم الأصوات الأخرى في السياسة المصرية، ساهم عمار في تنظيم زيارة لحمدين صباحي - المرشح السابق لرئاسة الجمهورية ومؤسس التيار الشعبي المصري- تمت مؤخرا لألمانيا بدعوة من جامعة برلين الحرة، لإلقاء محاضرة بها، وللتعريف بآرائه ومواقفه.
ويضيف عمار أن مصر من أكثر المجتمعات ديناميكية سياسيا وأن المصريين – خاصة الطبقات الشعبية - معقدون سياسيا ومبدعون ولهم طبيعة انتقادية، ويبدلون مواقفهم بسرعة، فهم قد يختارون الإخوان المسلمين من باب التجربة أو السلفيين ولكنهم قادرون على إعادة تقيم التيارات السياسية والزعماء.
ويرى كذلك أن مصر بها تنظيمات فاعلة أخرى سوى جماعة الإخوان؛ مثل النقابات المستقلة الآخذة في النمو منذ 2010، والنقابات المهنية التي تتحرر من سيطرة الجماعة (إضرابات المعلمين والأطباء التي لا تبدو الجماعة مرحبة بها)، و الأئمة، والألتراس وحركات تطهير الشرطة والحركات النسائية، والاحتجاجات العمالية.
ولا يعتقد عمار بوجود نفوذ كبير للولايات المتحدة على السياسة المصرية، ويشير إلى أن الاستثمارات الأمريكية في مصر محدودة،وأن هناك لاعبين آخرين، وأن النفوذ الأكبر ربما يكون للسعودية وقطر المستثمرين الأكبر، ويقول إن ما يحدث في ليبيا وسوريا هو ما تريده قطر لا الولايات المتحدة.
ويقول ربما تكون لدى الولايات المتحدة خطة ما، ولكن "القوة في العالم تخلقها مفاهيم معينة تسمح بوجودها، وبينما لا يمكن تغيير الخطة وهي ملك صاحبها، فإننا يمكننا تغيير المفاهيم الخاطئة"، ويضيف أنه لو كان التحالف مع الإخوان اختيارا سياسيا للولايات المتحدة فلا يعني ذلك نجاح هذه السياسة، مشيرا إلى فشل سياسات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
ويرى عمار أن الإخوان لا يملكون حلولا لمشاكل مصر سوى حلول مبارك وسياسته، وينقل عن أحد المصريين قوله إن الصعود للطابق العلوي في بناية يحتاج وقتا، ولكن ما نراه أن هناك من يعود للخلف بدلا من أن يبدأ الصعود.
ويشير عمار إلى مبالغة الإعلام الغربي في تغطية احتجاجات السلفيين، التي شارك فيها آلاف محدودة سواء ضد الفيلم المسئ عند السفارة الأمريكية، أو بجمعة "الشريعة" 9 نوفمبر الماضي، وإنهم يريدون تعويض ما فقدوه من شعبية بوجود الإخوان في السلطة.
ويشير الأكاديمي الأمريكي إلى أن السلفيين أكثر مهارة من الإخوان في استخدام الخطاب الديني إلى حدوده القصوى، في الوقت الذي يستخدمه الإخوان أيضا في مواجهة مخاوف بشأن اتجاهاتهم السياسية، وسياساتهم الاقتصادية التي ربما لا تلقى ترحيبا شعبيا.
كان عمار كتب مقالا في يوم 1 فبراير 2011 قبيل الإطاحة بمبارك بعنوان "لماذا يرحل مبارك"، ترجم إلى 14 لغة وقرأه – حسب قوله – 90 مليون قارئ في ظل تلهف العالم على معرفة مايدور بمصر حينها بعد 30 عاما من "استقرار" سلطة مبارك.
تعليقات الفيسبوك