لازالت سياسة خصخصة القطاع العام التي اتبعتها الحكومة المصرية خلال تسعينيات القرن العشرين محل نقد وجدل، حيث تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول الأحكام القضائية التي صدرت مؤخرا ببطلان خصخصة شركات قطاع الأعمال العام.
وقال خبراء ومحللون، استطلعت أصوات مصرية آراءهم، إن الأحكام القضائية التي قضت ببطلان عقود الخصخصة ستؤدي إلى انعاش الاستثمار المصري، فيما اعتبر آخرون أن الخصخصة هي الحل الأمثل لتطبيق الإصلاح الاقتصادي.
واتجهت الحكومة لبيع الشركات الحكومية بناء على نصائح من صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية بهدف فتح الفرص أمام القطاع الخاص وخفض سيطرة الدولة على الاقتصاد وتمويل عجز الموازنة جزئيا.
وانتقد سياسيون ونشطاء عمليات خصخصة القطاع العام التي أوقفتها ثورة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك مطلع 2011، كما تسببت الخصخصة في احتجاجات عمالية.
وقال وزير الصناعة والاستثمار المصري إن الدولة ملتزمة بتنفيذ جميع الأحكام القضائية التي قضت بفسخ صفقات الخصخصة وعودة مصانع قطاع الأعمال للدولة، معلنا عن إجراء تعديلات تشريعية لحماية حقوق المستثمرين خلال الفترة المقبلة.
وأضاف منير فخري عبدالنور أن الحكومة تعتزم "تطوير وتحديث المصانع المصرية مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان وشركة النصر للسيارات ومجمع الألومنيوم بنجع حمادي، فضلا عن تطوير محطات توليد الكهرباء بالسد العالي".
ورجح إسلام عبدالرازق مدير عام بشركة مساهمة البحيرة أن تساهم الأحكام القضائية ببطلان خصخصة الشركات في القضاء على الفساد، خاصة وأن الصفقات التي أبرمت لشراء تلك الشركات كانت "مشبوهة".
وطالب عبدالرازق الذي يعمل بإحدى شركات قطاع الأعمال التي قضى ببطلان خصخصتها، الحكومة المصرية بتشكيل لجنة لمكافحة الفساد داخل شركات قطاع الأعمال العام، خاصة في قطاعي استصلاح الأراضي والغزل والنسيج، مستشهدا بخسائر شركة مساهمة البحيرة التي قدرت بنحو 240 مليون جنيه بسبب بيعها لأحد رجال الأعمال الموالين لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وأصدر القضاء الإداري في مصر 11 حكما على الأقل منذ الإطاحة بمبارك تلزم الحكومة بفسخ صفقات وقعتها حكومات الرئيس الأسبق، ويقول محامون إن المحاكم تنظر حاليا عشرات الدعاوى القضائية المماثلة.
وأشار حسن حامد أبوالدهب رئيس النقابة المستقلة لعمال المراجل البخارية إلى أهمية تنفيذ الأحكام القضائية التى أعادت شركات القطاع العام لأنها تعتبر إحدى آليات إنقاذ الاقتصاد المصري من حالة التعثر التي يشهدها خلال المرحلة الراهنة.
وأوضح القيادى العمالي أن صفقة بيع شركة المراجل البخارية من أكبر الصفقات التى أقر القضاء المصري بعدم شرعيتها، حيث تم بيع الشركة بحوالي 33 مليون جنيه في الوقت الذي كانت تقدر فيه بأكثر من 400 مليون جنيه.
وقال الخبير الاقتصادي حمدى عبد العظيم إن الأحكام القضائية قضت ببطلان خصخصة العديد من الشركات بسبب عدم وجود شفافية في إبرام الصفقات وتورط بعض المسؤولين الحكوميين في شبهة فساد وتربح.
وأعرب عبد العظيم عن اعتقاده بأن المصالحات التي تتم بعد الأحكام القضائية ستساهم بشكل كبير في تحسين مناخ الاستثمار، مطالبا بتوفير تشريعات تضمن حقوق الدولة من جانب والمستثمرين من جانب آخر.
ولم يتبق من شركات قطاع الأعمال العام سوى 146 شركة موزعة على 9 شركات قابضة هي القابضة للصناعات الكيماوية والمعدنية، الغذائية، الأدوية، الغزل والنسيج، السياحة، النقل، التأمين، القومية للتشييد والتعمير.
وعلى الجانب الآخر وصف مختار الشريف أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة عودة شركات قطاع الأعمال العام إلي الحكومة بـ"الخطأ الفادح" خاصة في ظل التوقعات بوصول عجز الموازنة إلى 240 مليار جنيه.
واعتبر الشريف أن الخصخصة هو الأسلوب الوحيد المسؤول عن تطوير قطاع الأعمال العام في مصر، مؤكدا أن تطبيق التكنولوجيا وتحديث الإدارة يحتاج إلى استثمارات ضخمة تعجز الخزانة المصرية عن تحملها في المرحلة الراهنة.
وقال إن بطلان خصخصة شركات قطاع الأعمال العام يعني استمرارها في تكبد الخسائر ومن ثم عجزها عن دفع رواتب العاملين بها، إضافة إلى عدم ثقة المستثمرين الأجانب في استقرار الاقتصاد المصري.
ويعاني الاقتصاد المصري من التباطؤ وانخفاض الاحتياطات الأجنبية وهروب الاستثمارات جراء الاضطرابات المتواصلة منذ عامين إثر الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك مطلع 2011.
تعليقات الفيسبوك