قال الرئيس المصري محمد مرسي اليوم السبت إن الجيش الذي أدار فترة انتقالية بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك سيعود إلى مهمته التي قال إنها حماية حدود الوطن وشدد على أن "المؤسسات المنتخبة ستعود لآداء دورها" مشيرا فيما يبدو إلى مجلس الشعب المنحل.
وقال في خطاب ألقاه بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة بعد وقت قصير من ادائه اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا "سيعود الجيش المصري العظيم ليتفرغ لمهمته في حماية حدود الوطن."
وأضاف قائلا "لقد أوفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوعده وعهده الذي أخذه وقطعه على نفسه ألا يكون بديلا للإرادة الشعبية."
ولم يوضح مرسي الذي كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة –الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين حتى انتخابه رئيسا للبلاد- كيف يمكن أن يعود مجلس الشعب لعمله بعد حله كما لم يوضح كيف يمكن أن يعود الجيش لثكناته بعد أن أصدر إعلانا دستوريا مكملا جعل وجوده في العمل السياسي مستمرا.
وكان المجلس العسكري قال إنه سيسلم السلطة لرئيس منتخب بحلول الأول من يوليو تموز لكنه أصدر في 17 يونيو حزيران الحالي إعلانا دستوريا مكملا قيد فيه سلطات رئيس الدولة واسترد سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس الشعب الجديد فيما قال سياسيون ومحللون إنه بقاء أطول للمجلس العسكري في السلطة الي جانب الرئيس الجديد.
وخص المجلس العسكري نفسه في الإعلان الدستوري المكمل بشؤون الجيش دون الرئيس كما أعاد تشكيل مجلس الدفاع الوطني الذي يرأسه رئيس الدولة وغلب على تشكيله العسكريون وهو ما يجعل شؤون الدفاع والسياسة الخارجية في أيدي العسكريين.
وأوجب الإعلان الدستوري المكمل موافقة المجلس العسكري على أي قرار للرئيس لإعلان الحرب أو استدعاء الجيش للمشاركة في تأمين البلاد حال وقوع اضطرابات في الداخل.
وحل المجلس العسكري مجلس الشعب تنفيذا لحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا هذا الشهر بعدم دستورية مواد في قانون انتخابه.
لكن مرسي قال إن "المؤسسات المنتخبة ستعود لأداء دورها."
وقال في موضع آخر من الخطاب إن الشعب المصري "انتخب مجلسا للشعب ومجلسا للشورى في انتخابات حرة نزيهة عكست تمثيلا حقيقيا لكافة مكونات المجتمع."
وفيما بدا أنه إصرار على تجنب الاعتراف بقرار حل مجلس الشعب تلا مرسي على نحو رمزي اليمين القانونية في حضور رئيس وأعضاء مجلس الشعب وسط تصفيق وتهليل من جانب الحاضرين مثلما فعل أمس الجمعة أمام حشود في ميدان التحرير يطالبون بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وإلغاء قرار حل مجلس الشعب.
وفيما بدا أنها لفتة لطمأنة المجلس الأعلى للقوات المسلحة -الذي كان رئيسه المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان يجلسان في الصف الأول في القاعة- وصف مرسي الجيش بأنه "درع الوطن وسيفه" وكرر الوصف ثم مضى قائلا "الذي يردع كل من تسول له نفسه المساس بمصر أو تهديد أمنها القومي."
وأضاف قائلا "أعاهد الله على أن أحافظ على هذه المؤسسة وأن حافظ على أبنائها جندا وقيادات... لتكون أقوى مما كانت."
وهتف بعض الحاضرين لدى دخول طنطاوي وعنان "يسقط يسقط حكم العسكر" لكن أصوات المؤيدين للقوات المسلحة علت لتغطي على الأصوات المعارضة بهتاف "الجيش والشعب إيد واحدة".
ويخلف الرئيس الجديد مبارك الذي أطيح به في انتفاضة شعبية مطلع العام الماضي وهو أول رئيس مدني للبلاد بعد أن ظل ضباط من الجيش يحكمون البلاد على مدار 60 عاما.
ووجه مرسي نقدا حادا لسابقيه قائلا "نبدأ معا رحلة جديدة في تاريخ مصر نطوي بها صفحة بغيضة ونستفتح بها صفحة مضيئة إن شاء الله... مصر لن تعود إلى الوراء."
وعلى مدى تاريخها الذي بدأ قبل 84 عاما تعرضت جماعة الإخوان المسلمين للقمع واغتيل مؤسسها حسن البنا في أواخر سنوات العهد الملكي.
وفي عهد الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر أودع ألوف من أعضائها السجن كما اختلفت الجماعة مع الرئيس الراحل أنور السادات وظلت محظورة في عهد مبارك الذي استمر 30 عاما لكن سمح لها بالعمل في حدود.
ويفصل شارع بين مبنى المحكمة الدستورية العليا في ضاحية المعادي بجنوب القاهرة والذي أدى فيه مرسي اليمين وبين مستشفي القوات المسلحة الذي يرقد فيه مبارك (84 عاما) للعلاج.
وعوقب مبارك بالسجن مدى الحياة في الثاني من الشهر الحالي لإدانته بالامتناع عن إصدار أوامر لوقف استعمال القوة ضد متظاهرين اثناء الانتفاضة التي أسقطته مطلع العام الحالي.
وقال مرسي (60 عاما) في كلمة تلت أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا إن الشعب المصري أقام "ديمقراطية حقيقية" مشيرا إلى انتخابات الرئاسة التي أفرزتها ثورة 25 يناير كانون الثاني 2011 التي أطاحت بمبارك.
وقال المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا في كلمة سبقت أداء اليمين "إن وجودكم سيادة الرئيس اليوم في مقر المحكمة الدستورية العليا هو التجسيد الحي الحقيقي لإعلاء الشرعية الدستورية."
وبسبب حل مجلس الشعب تضمن الإعلان الدستوري المكمل أن يكون
أداء اليمين للرئيس المنتخب أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية التي تضم قضاة المحكمة.
ورفضت جماعة الإخوان وجماعات وأحزاب أخرى الإعلان الدستوري المكمل وطالبت مرسي بألا يؤدي اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا من أجل ألا يكون ذلك اعترافا منه بالإعلان الدستوري المكمل.
لكن أعضاء قياديين في جماعة الإخوان قالوا إن مرسي لا يريد تعطيل نقل السلطة وممارسة مهامه بسبب حلف اليمين.
ومنذ التاسع عشر من يونيو حزيران يعتصم مئات النشطاء –أغلبهم أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي- في ميدان التحرير احتجاجا على الإعلان الدستوري المكمل.
وشدد مرسي في خطابه بجامعة القاهرة على أن مصر في عهدها الجديد ستواصل دعم الشعب الفلسطيني والشعب السوري. وقال "يجب أن يتوقف نزيف الدم الذي يراق في سوريا."
وكانت قرينة مرسي التي ترتدي خمارا بين الحضور في القاعة لكنها لم تجلس في الصفوف الأولى.
وحضر إلقاء الخطاب أقارب قتلى في الانتفاضة ورفعوا صورهم في القاعة وذكر بعضهم مرسي بهم وهو يلقي خطابه لكنه واصل إلقاء الخطاب الى أن بلغ نهايته ليكرر القول بأنه يعتبر القصاص للشهداء دين في رقبته.
وفي أكثر من مناسبة تعهد مرسي بالقصاص للقتلى والمصابين قائلا إنه سيقدم لسلطات التحقيق أدلة جديدة تثبت مشاركة ضباط شرطة – صدرت أحكام ببراءتهم أمام محاكم الجنايات - في قتل وإصابة المتظاهرين.
وقال تقرير لجنة حكومية لتقصي الحقائق إن 850 متظاهرا قتلوا خلال الانتفاضة وأصيب أكثر من ستة آلاف.
تعليقات الفيسبوك