يثير عدد من وسائل الإعلام الغربي بين الحين والآخر مطالب إسلاميي مصر بهدم أهرامات الجيزة؛ وإزالة الكتابات والرسوم المنقوشة على جدران المعابد الفرعونية.
وقد تزايدت التساؤلات حول هذه المطالب في الآونة الأخيرة التي شهدت تولي أول مرشح مصري عن تيار إسلامي الحكم في البلاد، ووصل الحد إعراب البعض عن تخوفهم إزاء رغبة إسلاميي مصر بالتخلص من كل المعالم غير الإسلامية التي تزخر بها بلادهم.
وحول هذا الأمر نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" حول تزايد هذه المطالب حتى من خارج مصر، مشيرة إلى إحدى الصحف القومية المصرية؛ التي اقتبست تغريدة أحد رجال الدين المعروفين في مملكة البحرين هو عبد اللطيف المحمود، دعا من خلالها الرئيس المصري محمد مرسي إلى «إنجاز ما عجز الأمير عمرو بن العاص عن فعله وتدمير هذه الأهرامات الوثنية».
ولا تقتصر إثارة هذا الأمر على "نيويورك تايمز" بل أثارتها كذلك مجلة "كومنتري" التي دقت ناقوس خطر انتشار هذه الأفكار في المجتمع المصري، خاصة وأن العديد من وسائل الإعلام المحلية والعربية لا تتعامل معها كما ينبغي وتغفل أهمية الإرشاد والتوعية حيال تصريحات رجال دين يدعو بعضهم لتدمير الأهرامات، وإن كان البعض الآخر الأقل تشدداً يقترح تغطية رؤوس التماثيل المصرية القديمة بالشمع لطمس الملامح، كما اقترح الشيخ عبد المنعم الشحات في يناير 2011.
وفي ظل هذه المطالب تعلو بين الحين والآخر أصوات قادة إسلاميين يؤكدون أن الأخبار التي تتحدث عن تدمير الأهرامات وغيرها من الآثار المصرية القديمة ليست إلا "إشاعات" ترمي إلى تشويه صورة الإسلاميين وتخويف الناس منهم.
ولم تأت هذه المخاوف من فراغ، إذ سبق لمنظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان وأن حذرت «من استمرار تحريض عدد كبير من رجال الدين على هدم الأهرامات والمعابد الفرعونية باعتبارها رمزاً للوثنية في عصور ما قبل الإسلام». وأشارت المنظمة أن «التخوف يشمل ازدياد مظاهر إسلامية بحتة كإطلاق اللحى وارتداء الجلابيب القصيرة وارتفاع عدد المنقبات في مصر، الأمر الذي يدفع هذا البلد بعيداً عن هويته المصرية بمساعدة تيارات إسلامية متشددة» بحسب وصف المنظمة.
الجدير بالذكر؛ أن العديد من وسائل الإعلام الغربية تساوي بين تولي مرشح "الإخوان المسلمين" في مصر محمد مري الرئاسة في مصر وسيطرة طالبان حتى وقت قريب على الحكم في أفغانستان، بالإضافة إلى ممثلي تيارات إسلامية متشددة تسعى إلى تولي مقاليد السلطة في بعض الدول، وما نتج عن ذلك من تدمير لمعالم أثرية غير إسلامية كتماثيل بوذا في أفغانستان، وحتى الإسلامية منها في مالي مثلاً.
فقد حددت الحكومة المالية ومنظمة اليونسكو تدابير عاجلة لحماية ممتلكات التراث العالمي في مدينة تمبكتو شمال مالي، التي شهدت هجمات لجماعات إسلامية متشددة على معالم ومراقد دينية أثرية. وعلى خلفية هذه الأحداث أعلنت باريس تصميمها على منع المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة من إقامة معاقل للإرهاب الدولي في مالي، معربة عن أملها في أن يُصدر مجلس الأمن قراراً يجيز نشر قوة إفريقية في مالي.
وتعتبر تمْبكْتو، جوهرة الصحراء المتربعة على الرمال، أحد أبرز المراكز الدينية والثقافية في غرب إفريقيا. وتشتهر بلقب مدينة "الثلاثمئة وثلاثة وثلاثين وليًا" في إشارة إلى رجال دين دفنوا هناك. لكن مسلحين من جماعة "أنصار الدين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" التي تعتبر أضرحة الصوفية في تمبكتو من مظاهر الوثنية، هددت بتدمير كل مواقع الأضرحة الرئيسية التي يبلغ عددها 16. وهذا بعد أيام قلائل من ضم اليونسكو لمدينة تمبكتو لقائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر.
تعليقات الفيسبوك