تباينت أراء السياسيين وقيادات الأحزاب بشأن ما أثير مؤخرا عن وجود خطوات للتصالح مع رجال الأعمال ورموز النظام السابق المتهمين في قضايا فساد مالي.
ويتحفظ حسين عبد الرازق القيادي بحزب التجمع على مبدأ التصالح مع رجال الأعمال فى ظل غياب رؤية شاملة.. قائلا "منذ قيام ثورة يناير ونحن نتعامل مع قضايانا بشكل جزئي وليس في سياق مترابط وهذا ما حدث مع قضية التصالح مع رموز النظام السابق المتهمين فى قضايا فساد.
وقال حسين لأصوات مصرية "الدول التي مرت بنفس ظروفنا طبقت ما يسمى بالعدالة الانتقالية التي ارتبطت بتحقيق العدل والتصالح مع الرموز السابقة التي لم ترتكب جرائم جنائية على أن يعترف الشخص الذى سيتم التصالح معه بجرائمه علنا وان يشرح الظروف التي دفعته لارتكابها وان يطلب من المجتمع مسامحته ومن ثم استعادة ما يكون قد نهبه أو ما حققه من مكاسب بشكل غير شرعي".. مشيرا إلى أن "هذا ما حدث في تجربتي المغرب وجنوب إفريقيا".
وأصدر المستشار مصطفي حسيني المحامى الأول لنيابة الأموال العامة العليا بياناً بشأن التسويات المالية مع رموز النظام السابق ورجال الأعمال والمستثمرين الأجانب أكد فيه أن التصالح جاء تجنبا لإطالة أمد التقاضي لحين صدور حكم بات برد هذه الأموال مع توافر الحاجة الملحة لاستردادها بعيدا عن تعقيدات قواعد الاسترداد في القوانين المحلية أو المعاهدات الدولية أو قواعد التحكيم التي تستغرق الوقت والجهد والتكلفة المادية وتمنح المبررات للدولة الخارجية التي بها تلك الأموال لرد بعضها وليس كلها وللسعي الي ضمان الاستقرار الاقتصادي والاستثماري للبلاد بما يشجع علي رواج الحركة الاستثمارية ويعود بالنفع علي جميع القطاعات الاقتصادية للدولة.
وتابع القيادي بحزب التجمع.. "ما يحرك السلطة الآن في سياق التصالح مع رموز النظام السابق هو البحث عن مصدر لسد العجز في الموازنة وحل المشكلة الاقتصادية الراهنة وذلك بدلا من وجود سياسة اجتماعية واقتصادية شاملة".
وبدأت الدعوة مؤخرا للتصالح مع رجال الأعمال بمبادرة من بعضهم خلال لقائهم بالرئيس محمد مرسى في الأول من يناير الجاري وعلى رأسهم صفوان ثابت رئيس الشركة الدولية للصناعات الغذائية "جهينة" الذي طالب خلال اجتماع الرئيس بتقديم رسالة طمأنة لرجال الأعمال والمستثمرين الذين لم تُوجه لهم اتهامات فى الفترة الماضية ومن بينهم حامد الشيتى وياسين منصور من أجل تشجيعهم على العودة والعمل مرة أخرى بالسوق المصرية.
ويرى نصر عبد السلام رئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية انه "لا يوجد اعتراض من حيث المبدأ على التصالح مع رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق والمتهمين فى قضايا فساد شريطة توافر ثلاثة معايير.. أولها عدم ارتباط الشخص الذي سيتم التصالح معه بدماء الشهداء سواء قبل أو بعد 25 يناير 2001 .. وثانيها ألا يكون من أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل والتي ارتكب أعضاءها جريمة في حق كل مصري من خلال إفساد الحياة السياسية".
وأشار الى انه "اذا توافر هذان المعياران فانه يتم التصالح شريطة توافر معيار ثالث هو تنازل الشخص عن المال الذي حققه بشكل غير شرعي ليس مّناً منه على الشعب ولكن حقا عليه مع اعتذاره عن ارتكابه لهذه الجرائم".
وأكد نصر انه "إذا تم التصالح مع الشخص وفق هذه المعايير فانه لا يوجد مانع من عودته إلى ممارسة حقوقه السياسية مثل أي مواطن آخر".
ورفض نصر القول بأن لجوء السلطة إلى التصالح مع رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق دليل على فشل الرئيس مرسى في إدارة البلاد موضحا أن "الرئيس لم يفشل حيث اتخذ قرارات اقتصادية مهمة ستؤتى ثمارها قريبا من خلال عدد من المشروعات القومية مثل مشروعات قناة السويس".
وحول رفض التيار الإسلامى لفكرة المصالحة مع رجال الأعمال الفاسدين والتى طرحها بعض الاقتصاديين أثناء الفترة الانتقالية التي أدار خلالها المجلس العسكري للبلاد ثم قبولها الآن قال نصر.. "الحكم على الأشياء لا يتضح إلا فى إطار رؤية أمور كثيرة وبالتالي لم يكن قبول هذا الطرح بعد الثورة مباشرة حيث لم تكن دماء الشهداء قد جفت بعد ولكن بعد وضوح الرؤية الآن من الممكن قبولها ولكن وفق شروط معينة".
وترفض كريمة الحفناوي عضو جبهة الإنقاذ الوطني مبدأ التصالح مع رموز النظام السابق الفاسدين قائلة.. "لا تصالح مع أي شخص نهب مالا عاما أو تربح من منصبه وكان من الأولى مصادرة ممتلكاته وليس التصالح معه".
وتشير إلى أن "القائمين في السلطة لم يوضحوا للشعب شروط هذا التصالح وما إذا كان سيقتصر الأمر على مجرد استرداد الأموال واستكمال محاكمتهم فى الجرائم الأخرى التى ارتكبوها بجانب عزلهم سياسيا أم سيخرجون ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي بعد المصالحة".
وأرجعت الحفناوي السعى إلى إجراء هذه المصالحات الآن إلى نظام الإخوان المسلمين الاقتصادي الذى وصفته بأنه "جشع يقوم على احتكار الثروات وهو نفس المنهج الذي كان يقوم عليه النظام الاقتصادي للحزب الوطني المنحل وبالتالى فإن جماعة الإخوان توافق على كل السياسات التى خربت الاقتصاد المصرى طيلة السنوات السابقة كما أن قياداتها ترتبط بمصالح اقتصادية مع رموز النظام السابق التي تسعى السلطة الآن إلى التصالح معها".
تعليقات الفيسبوك