رغم وجود دعوات للتظاهر، غدا الاثنين، في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير 2011 على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"؛ إلا أن جميعها دعوات مجهولة المصدر. وتباينت مواقف القوى السياسية من هذه الدعوات، حيث لم تعلن بعض القوى نيتها من المشاركة، فيما رفض البعض الآخر، لتبقى "الإخوان المسلمين" القوة السياسية الوحيدة التي أعلنت بشكل واضح نيتها المشاركة في إحياء ذكرى يناير.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي استنكر الشهر الماضي الدعوات المطالبة بالتظاهر يوم 25 يناير، وقال "جئت بإرادتكم واختياركم وليس رغما عنكم.. لماذا تطالب مجموعة بثورة جديدة في 25 يناير؟ هل تريدون أن تضيعوا هذا البلد وتدمروا العباد".
ورفض بعض أعضاء بحركة شباب 6 إبريل، الحديث عن أية تحركات أو مواقف سياسية "قبل الأوان"، أي حتى كتابة هذه السطور؛ لذا لا يمكن التنبؤ بموقف معلن للحركة من المشاركة في إحياء ذكرى الثورة، إلا من خلال بياناتها وتدويناتها على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، التي تعلن من خلالها تمسكها بشعارات "إحنا كتير" و"إنت مش لوحدك"، و"أنا شاركت في ثورة يناير".
وفي بيان للحركة بتاريخ 28 ديسمبر الماضي، قالت "نؤكد أننا لن نخضع لتهديدات وإرهاب النظام وسنصعّد بكل الطرق السلمية ولن ننجرف للعمل السري، وسنستمر في مقاومة الفساد والاستبداد حتى تحقيق أهداف الثورة والحرية لكل المعتقلين والكرامة للشعب المصري".
ومع إلقاء القبض على عدد من القيادات في الحركة خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ بات من الصعب التواصل مع أي من المسؤولين عن حركة شباب ٦ إبريل، للحديث عن موقفهم من المشاركة في إحياء الذكرى الخامسة للثورة.
وكانت قوات الأمن المصرية، ألقت القبض على أربعة من نشطاء الحركة وهم شريف الروبي، ومحمد نبيل، وأيمن عبد المجيد، ومحمود هشام، وجميعهم أعضاء المكتب السياسي للحركة، بتهمة الانتماء إلى جماعة محظورة أسست على خلاف القانون، والدعوة إلى مظاهرات في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير.
الموقف "غير المعلن حتى الآن" تبنته كذلك حركة الاشتراكيين الثوريين، حيث قال عضوها، محمود عزت، إنه "لن يستطيع الحديث عن أية توجهات أو مواقف حاليا.. وستعلن الحركة موقفها للرأي العام، قبل 25 يناير"، وهو ما لم يحدث بعد.
على العكس من ضبابية الحديث عن المشاركة في الذكرى الخامسة للثورة، جاء موقف المتحدث باسم اللجنة العليا للقيادة الشبابية بجماعة الإخوان المسلمين، محمد منتصر الذي أعلنه في بيان رسمي يوم 17 يناير الجاري، مؤكدا المشاركة في إحياء الذكرى الخامسة للثورة.
وجاء في البيان "هلّ يناير من جديد، يناير الثورة والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، جاء يناير والثورة لا تزال في الميدان، ولن ينقضي يناير بإذن الله إلاّ وقد اكتسبت الثورة أرضا جديدة".
ورغم تأكيد منتصر على أن يناير الحالي قد لا يمثل "ذروة الصراع والنضال"؛ إلا أنه "جولة هامة يجب أن نصطف فيها لندق مسمارا جديدا في نعش هؤلاء القتلة والفسدة الذين دمروا بلدنا الحبيبة الذين هم في حقيقتهم أعداء حقيقيين للمصريين جميعا، كما أننا نوقن بأنه لا نجاح لعملية القضاء على تلك العصابة إلا باتحادنا جميعا على اختلافاتنا، وإيجاد الطليعة الثورية المؤمنة بالحرية وأهداف يناير النقية".
وتشهد جماعة الإخوان المسلمين تباينات في المواقف في ظل الحملة الأمنية التي تواجهها والتي أدت لسجن قياداتها والكثير من أعضائها، ما يجعل الحديث عن موقف موحد للإخوان المسلمين أمرا صعبا. ويعيد هذا التباين للأذهان الوضع في يناير 2011 عندما اختلفت مواقف القيادات الرافضة للمشاركة في التظاهرات مع مواقف شباب الجماعة الذين أصروا على التظاهر.
البعض اتخذ موقفا مركبا، مؤكدا على أن التركيز الآن يجب أن يكون على تجميع القوى الثورية واستخلاص الدروس من ثورة يناير.
الناشط اليساري والعضو في ائتلاف شباب الثورة (المنحل) خالد عبد الحميد، قال لأصوات مصرية إن "الثورة تمر بمراحل قوة وضعف.. وهي حاليا في مرحلة ضعف تستدعي فهما لما حدث وتفكيرا في المستقبل".
وأشار عبد الحميد، إلى أن الأوضاع والتوترات الإقليمية المحيطة بمصر، "يجب أن تكون محل حسبان لكل من يفكر في إحداث موجة ثورية جديدة ... فالأمر لم يعد قاصرا على فكرة الحشد الجماهيري، ولكنه أبعد كثيرا من ذلك".
ومع ذلك؛ فإن عبد الحميد، يقدر كثيرا الداعين للنزول في يناير، والمشاركين فيه، ويقدر أيضا الثمن الذي قد يدفعوه مقابل هذا القرار.
وعلى الرغم من عدم الوضوح في دعوات التحرك في الذكرى الخامسة للثورة ولا في إمكانيات الاستجابة لها، إلا أن منطقة وسط القاهرة، تشهد منذ أسبوعين تعزيزات أمنية مشددة.
كان مصدر أمني بوزارة الداخلية صرح لأصوات مصرية في وقت سابق أن مصلحة الأمن العام والجوازات بالتنسيق مع شرطة السياحة تشن حملات أمنية مكثفة على الشقق المفروشة في القاهرة وجميع المحافظات، تنفيذا لخطة تأمين ذكرى الثورة وإنه تم ضبط عشرات من الأجانب ممن انتهت إقامتهم في البلاد.
وقال مصدر أمني آخر في تصريحات نشرتها الوكالة الرسمية إن الداخلية بدأت بالفعل التنسيق مع القوات المسلحة فى تنفيذ أولى مراحل خطة التأمين من خلال تكثيف الإجراءات الأمنية بمحيط المنشآت المهمة والحيوية على مدار اليوم، وفي مقدمتها مجلسي النواب والوزراء، ومبنى اتحاد الاذاعة والتلفزيون بماسبيرو، وأبراج الكهرباء وغيرها من الأماكن الحيوية.
وتابع أن خطة التأمين لم تقتصر فقط على المنشآت المهمة والحيوية والمواقع الشرطية، ولكنها امتدت إلى المراكز التجارية الكبرى، والتي تم التأكيد على مسؤوليها بمراجعة كاميرات المراقبة وتكثيف الحراسات الخاصة عليها خلال فترة الاحتفال، وتسيير العديد من الدوريات الأمنية بالمناطق والمربعات السكنية ابتداء من اليوم الأحد لمواجهة أي عناصر إجرامية قد تستغل الاحتفالات في ترويع المواطنين أو التعدي على ممتلكاتهم الخاصة ومحاولة نشر الفوضى في الشارع المصري.
وقال المتحدث العسكري في بيان نشر على صفحته على فيس بوك الخميس إنه تم رفع درجة الاستعداد للقوات المشاركة في تأمين يوم الذكرى لحماية مرافق الدولة والممتلكات والخاصة والتعامل مع أي تهديدات تمس أمن المواطن.
وحذر وزير الأوقاف محمد مختار جمعة أوائل الشهر الجاري من التظاهر يوم الذكرى، مشيرا إلى فتوى دار الإفتاء بأن دعوات الخروج في هذا اليوم وما يصاحبه من أعمال تخريب "جريمة متكاملة وحرام شرعا ومخالفة لمنهج ودين الله".
أما عن موقف الأحزاب السياسية، فقد التزم بعضها الصمت تجاه دعوات المشاركة، فيما خرجت عدة تصريحات لبعض الرموز الحزبية تعبر عن نفسها فيما بتعلق بالمشاركة في إحياء ذكرى الثورة، ولا تعبر عن المواقف الجماعية لأحزابها.
وأعلن حزب المؤتمر موقفه الرافض لدعوات التظاهر باعتبارها "دعوات مغرضة وخبيثة، وتسعى لهدم قواعد الدولة". وهو نفس الموقف الرافض الذي أعلنت عنه أحزاب، المحافظين، والجيل الديمقراطي، ومصر القومي، ومستقبل وطن.
تعليقات الفيسبوك