كتبت: رحمة ضياء
انطلاق، شغف، حرية .. هذا ما تمثله الدراجة لكثير من الفتيات، اللاتي اخترن أن تكون "البسكلتة" رفيقة دروبهن، التي تنقذهن من زحام الطرق والمواصلات في مصر، متحديات مضايقات الشارع، الذي يرفض أن تقود الفتاة دراجة.
* معاكسات
قررت مريم صلاح، طالبة بالمرحلة الثانوية، شراء دراجة قبل عام، بعد مشاركتها في جولة بالدراجات مع فريق "بايك زون"، الذي ينظم جولات أسبوعية بالدراجات لأماكن مختلفة، وفكرت يومها في امتلاك دراجة خاصة بها.
وتقول مريم "الموضوع ممتع جدا، في البداية بابا كان رافض الفكرة، وخايف عليّ من العربيات والمعاكسات، لحد ما أقنعته واشتريت عجلة".
تقود مريم الدراجة يوميا للذهاب إلى مدرستها المجاورة لمنزلها بمنطقة الكوربة، أو لحضور الدروس الخصوصية بمنطقتي شيراتون ومدينة نصر، معتبرة أنها الحل السحري لمواجهة الزحام واختصار الوقت، الذي كانت تقضيه من قبل في المواصلات.
لم تسلم مريم من المضايقات، لكنها لم تستسلم لها، قائلة "بسمع كلام سخيف من الناس كل ما بنزل بالعجلة أو يتسرق الكرسي والكوتشات لما أركنها في الشارع، ودي رابع عجلة أشتريها بسبب المواقف دي".
تسببت مضايقات الشارع في كسر ذراع مريم في إحدى المرات، "عربية كسرت عليا وأنا راكبة العجلة وخبطتني ودراعي أتكسر بس ده خلاني أعند أكتر ومبطلش أعمل حاجة بحبها وبتبسطني".
وبدأت فرق الدراجات تنتشر في شوارع مصر قبل سنوات قليلة، ومن أبرزهم وأكثرهم نشاطا فرق "سايكل إيجبت"، و"جو بايك"، و"بايك زون"، و"ويلرز"، وتنظم هذه الفرق جولات أسبوعية تتوجه لمناطق مختلفة داخل القاهرة أو خارجها، بهدف نشر ثقافة قيادة الدراجات في مصر واستخدامها كوسيلة مواصلات صديقة للبيئة.
* مواجهة التحرش بـ"الهاند فري"
تواجه وسام ناجي، معلمة، التحرش اللفظي الذي تتعرض له أثناء قيادة الدراجة بـ"الهاند فري"، وتقول "بحط الهاند فري في ودني وأنا راكبة العجلة عشان مسمعش المعاكسات وأتعودت مردش عليها حتى لو سمعتها".
تتنقل وسام بالدراجة لقضاء احتياجاتها في محيط منزلها بمدينة نصر، وتذهب بها أحيانا إلى عملها بعيدا عن أوقات الذروة، لصعوبة السير بالدراجة في الطرق المزدحمة.
وفي يونيو 2014 دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قيادة الدراجات والاعتماد عليها كوسيلة مواصلات، لتخفيف الزحام وتقليل الإنفاق على الوقود، وتكررت مشاركته في ماراثون الدراجات أكثر من مرة.
* قليل من التشجيع
تعشق هبة خيري، خريجة كلية آداب، الدراجة منذ طفولتها، لكنها افترقت عنها خلال مرحلة المراهقة قبل أن تقنع أهلها منذ وقت قريب باقتناء دراجة من جديد.
وتقول "في البداية أهلي كانوا رافضين لخوفهم علي بس مع الإلحاح وافقوا، ولما عرفوا إني باروح بالعجلة مع أصحابي رحلات لمسافات طويلة بالعجل بقوا بيشجعوني".
وعلى الجانب الآخر لاقت هبة الدعم والتشجيع إلى جانب المضايقات التي تقابلها من المارة في الشارع، وتقول "فيه ناس كتير بتقولي برافو عليكي، أو يقفولي لحد ما أعدي".
* ثقافة المجتمع
تقود ياسمين محمود، موظفة علاقات عامة بإحدى الشركات، الدراجة منذ 4 سنوات، وتقول إن المضايقات التي كانت تتعرض لها قلت بنسبة كبيرة مع اعتياد الناس في محيط منزلها، بمنطقة مدينة نصر، على الأمر.
وتضيف "السبب الأساسي في المضايقات أن عين الناس مبقتش متعودة زي زمان على العجل، مش إن بنت هي اللي بتسوق".
وتشير ياسمين إلى أن الفتيات في فترة الستينات والسبعينات كن يقدن الدراجات بالفساتين، ولم يكن أحد يتعرض لهن، قائلة "الموضوع مرتبط بثقافة المجتمع اللي اتغيرت".
وأسست سحر عبد الحق، رئيسة نادي النصر الرياضي، أول مركز للدرجات في القاهرة منذ ثلاثة أعوام، بهدف تشجيع المواطنين على ممارسة رياضة قيادة الدراجات.
* طرق للدراجات
تتمنى هدير سامي، موظفة بإحدى شركات المستلزمات الطبية، لو يتم تخصيص حارات لقيادة الدراجات في مصر.
وتقول "للأسف مبقدرش أركب العجلة جنب بيتي في شوارع عين شمس، وباضطر اروح شوارع شيراتون أو ميدان الحجاز"، مبررة ذلك بعدم صلاحية الشوارع في منطقتها لقيادة الدراجات بالإضافة إلى خوفها من مضايقات المارة.
وتشارك هدير في فريق "جو بايك" للدراجات، لنشر ثقافة قيادة الدراجات في مصر، قائلة "فخورة باللي قدرنا نحققه من خلال جولاتنا كل أسبوع في أماكن مختلفة في القاهرة والمحافظات".
وتضيف "مستمرون في توعية الناس بأن العجلة مش مجرد أداة للترفيه، لكن وسيلة مواصلات رخيصة وسريعة وصديقة للبيئة".
وانطلقت معظم المبادرات التي تدعو لقيادة الدراجات من أكتوبر والمعادي، والزمالك والمنيل، ومصر الجديدة نظرا لصلاحية الطرق لقيادة الدراجات، وهناك حارة مخصصة للدراجات في أحد شوارع التجمع الخامس.
تعليقات الفيسبوك