كتب: عماد عمر

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي قناة السويس الجديدة بحضور العديد من زعماء العالم وسط أجواء احتفالية في مسعى من حكومته لحشد المصريين حول المشروع، باعتباره إنجازا قوميا وتحقيق مكسب سياسي كبير للرئيس الذي يكافح للتغلب على صعوبات، بعد عام من توليه الحكم عقب الاطاحة بجماعة الإخوان المسلمين من السلطة.

وأثناء كلمته في حفل الافتتاح، خرج السيسي على النص المكتوب وقال إنه يتحدث "كمواطن مصري". واضاف أمام الحضور من زعماء ومسؤولي الدول إنه "يتحدث للشعب المصري.. غالبية مواطنين مصر. هم عندي لهم الأولوية الكاملة."

وعمل السيسي على مغازلة ذاكرة المصريين باستدعاء لحظات أثيرة في تاريخهم أثناء افتتاح القناة الموازية لقناة السويس الأصلية بطول 34 كيلومترا ضمن مشروع يتكلف ثمانية مليارات دولار ويتضمن حفر عدة انفاق تحت القناة.

واستقل السيسي بصحبة زعماء ومسؤولين كبار من مختلف أنحاء العالم يتقدمهم الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند يخت المحروسة الذي شارك في احتفالات افتتاح قناة السويس القديمة عام 1869 كمجرى مائي زاد من الأهمية الاستراتيجية لمصر.

واستدعى السيسي لحظة أخرى أثيرة لدى المصريين ببدء التحرك في يخت المحروسة لحضور الاحتفال في الثانية إلا عشر دقائق بعد الظهر وهو نفس موعد انطلاق طائرات مصرية لتوجيه ضربة جوية لأهداف إسرائيلية في حرب اكتوبر 1973 .

وحرصت قنوات التلفزيون المصرية الحكومية والخاصة على نقل وقائع الافتتاح على الهواء مباشرة وبث أغان وطنية وعرض برامج ولقاءات عن فوائد مشروع القناة الجديدة الذي يقول مسؤولون حكوميون إنه سيضاعف ايرادات قناة السويس من حوالي خمسة مليارات دولار سنويا حاليا إلى أكثرمن 13 مليار دولار بحلول عام 2023 .

لكن محللين في مجال الشحن البحري شككوا في امكانية زيادة المعدلات إلى هذه الدرجة خلال ثماني سنوات بالنظر إلى الوضع الاقتصادي العالمي والاتجاه للاعتماد على السفن الضخمة ذات الغاطس الكبير.

وامتدت أجواء الاحتفال إلى شوارع القاهرة التي زينتها السلطات بالأعلام المصرية قبل ايام من حفل الافتتاح. وانضم مواطنون إلى الاحتفالات اليوم فخرجوا رافعين الأعلام في مسيرات بالشوارع وميدان التحرير بؤرة انتفاضة 2011 التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم البلاد لثلاثة عقود ومهدت لتولي الرئيس محمد مرسي المنتمي للإخوان المسلمين السلطة في 2012 كأول رئيس لمصر عبر انتخابات ديمقراطية.

وازدانت واجهات الفنادق الكبرى والمباني الحكومية. وعلقت أعلام على قمة برج القاهرة وعلى جانبي الجسور فوق نهر النيل ولوح بها مواطنون من سياراتهم. وهتف مواطنون في مسيرات بميدان التحرير للسيسي وعبروا عن اعتزازهم بالمشروع كعمل يعيد الروح الوطنية للبلاد التي عانت من عدم الاستقرار عقب انتفاضة 2011 ومن تزايد هجمات متشددين اسلاميين عقب عزل الجيش لمرسي في 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.

وفي كلمته في حفل الافتتاح قال السيسي الذي تولى السلطة في يوليو 2014 إن مصر "واجهت أخطر فكر ارهابي". وأضاف ان حفر القناة الجديدة تم "في ظروف غير طبيعية لمكافحة الإرهاب".

وقال محمد ناصر الذي يعمل مدرسا في حي عين شمس وخرج مع اطفاله إلى ميدان التحرير "جئت اقول شكرا لمن عملوا في حفر القناة وسط الحر الشديد."

وقال الميكانيكي أحمد الذي ثبت علما على سيارته في العجوزة على الجانب المقابل من نهر النيل "نفسي اروح الاحتفال.. لازم نقول شكرا للرجل ايلي عمل حاجة جديدة في بلدنا."

ورسم مسؤولو الحكومة صورة وردية للمشروع الذي يأتي في إطار مخطط أوسع لتطوير محور قناة السويس باقامة مراكز للشحن والخدمات والصناعات.

وقال وزير الري حسام مغازي اليوم إن وزارته تعمل على حفر 8 أنفاق لتوصيل مياه النيل لري 100 ألف فدان في شبه جزيرة سيناء التي يتهم نقاد الحكومة بالتقصير في تنميتها ويشهد الجزء الشمالي منها هجمات لمتشددين ضد قوات الأمن قتل فيها المئات.

وتكافح حكومة السيسي للتغلب على صعوبات اقتصادية نتيجة عدم الاستقرار بعد انتفاضة 2011 حيث تراجع الاحتياطي الاجنبي للبلاد من 36 مليار دولار قبل الانتفاضة الى نحو 18 مليارا حاليا. وقال السيسي في كلمته ان القناة الجديدة "ليست عملا هندسيا وانما له بعد كبير." واضاف أن المصريين "كان لابد يشعروا ان لديهم مزيدا من الثقة وعدم التشكك وعدم الاحباط." واضاف ان "فرحة المصريين تؤكد المعنى ده.. كانوا محتاجين يؤكدوا للعالم انهم قادرون."

ودعا الرئيس الذي مازال يواجه احتجاجات شوارع متفرقة من مؤيدي الاخوان المسلمين جموع المصريين إلى أن يكونوا "كتلة واحدة".

ونفذت أجهزة الأمن حملة قمع لم يسبق لها مثيل ضد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها منذ عزل مرسي.

واعتبر السيسي أن مصر تقدم القناة "هدية" للعالم لتعزيز حركة التجارة والتنمية.

وقال إنها " أول خطوة من ألف خطوة."

وقطعت صفارات سفن كلمة السيسي الذي توقف للحظات لينقل البث التلفزيوني لقطات موسعة لمرور سفينتين بمحازاة بعضهما البعض عبر قناة السويس القديمة والتفريعة الجديدة. وشارك السيسي الحضور في التصفيق لدى عرض اللقطات.

موضوعات متعلقة:

قناة السويس الجديدة بين الشكوك والآمال