قال وزير البترول والثروة المعدنية في أكبر البلدان العربية سكانا إن بلاده التي تعاني نقصا في إمدادات الوقود تعتزم استيراد إمدادات اضافية بما يتراوح بين 500 و600 مليون دولار شهريا في فترة الصيف لسد احتياجاتها من الطاقة الكهربائية.
وأضاف الوزير أسامة كمال إن مصر تعتزم زيادة انتاجها من الغاز الطبيعي بواقع 150 مليون قدم مكعبة يوميا اعتبارا من يونيو حزيران.
وقال كمال خلال مقابلة مع رويترز اليوم الاثنين إن البلاد تواجه "مشكلة" في امدادات السولار ولكن ليست هناك "أزمة" وأن الحل يكمن في ترشيد الدعم من خلال العمل بالبطاقات الذكية والقضاء على التهريب.
وتعاني القاهرة وباقي المحافظات المصرية من نقص في امدادات السولار وانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي بسبب ارتفاع الاستهلاك ونقص الوقود.
كشف كمال في المقابلة عن عزم مصر "استيراد كميات اضافية من الغاز والمازوت لمحطات الكهرباء. بما يتراوح بين 500 و600 مليون دولار شهريا من أول مايو إلى نهاية اكتوبر تشرين الأول".
وأضاف "نحتاج (لتوليد) الكهرباء 500 مليون قدم (مكعبة) يوميا ونحتاج ما بين 500 و700 مليون قدم اضافي للأغراض الصناعية."
وأوضح أن تلك الامدادات ستأتي بالاضافة إلى المبلغ المخصص شهريا لاحتياجات الكهرباء وهو ثلاثة مليارات جنيه شهريا.
وذكر أن الكمية الاضافية ستأتي من الخارج وتمثل 30 بالمئة من الكمية الأصلية التي تضخها مصر في السوق شهريا.
وقال "حاليا الكهرباء تستهلك في حدود 75 مليون متر مكعب غاز و15 مليون متر مكافيء من المازوت فيصبح الاجمالي 90 مليون متر مكعب من مكافيء الغاز. وهذا الرقم سيزيد مع شهور الصيف ويتجاوز 110 (ملايين متر مكعب) وهو رقم كبير جدا."
وعزت وزارة البترول مؤخرا مشكلة انقطاع الكهرباء إلى نقص التمويل اللازم لشراء وقود لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية وذلك في علامة جديدة على الأضرار التي يسببها شح السيولة المالية للاقتصاد الكلي في البلاد.
وقال الوزير لرويترز في المقابلة التي جرت معه اليوم بمقر الوزارة في حي مدينة نصر بالقاهرة "هناك مباحثات جادة وشاقة مع الشركاء الأجانب حتى نستعيد عجلة العمل. واعتبارا من يونيو سنزيد انتاج الغاز 150 مليون قدم مكعبة يوميا."
وردا على سؤال عن اجمالي حجم انتاج مصر من الطاقة قال كمال "حاليا ننتج 1.75 مليون برميل نفط وغاز مكافيء يوميا."
وعن تكلفة الدعم قال الوزير "دعم (الحكومة) للوقود تجاوز 30 مليار جنيه في الربع الثالث وتجاوز 85 مليار جنيه في أول تسعة أشهر من السنة المالية وسيتجاوز 120 مليار جنيه بنهاية يونيو."
وبلغ الدعم الحكومي للمواد البترولية خلال السنة المالية 2011-2012 نحو 115 مليار جنيه.
وتوقع كمال أن ترتفع فاتورة الدعم الحكومي للوقود قليلا في الربع الأخير من السنة المالية 2012-2013 نظرا لضخ كميات اضافية من الوقود والغاز لمحطات الكهرباء.
وعزا كمال سبب ارتفاع فاتورة دعم الوقود إلى "التغير الكبير في سعر صرف الجنيه. وضخ كميات اضافية من السولار."
وفقد الجنيه المصري نحو عشرة بالمئة من قيمته منذ بداية العام مقابل الدولار.
وتعمل مصر على ترشيد دعم الطاقة من خلال توزيع البنزين والسولار وأسطوانات البوتجاز(الطهي) لخفض تكلفة الدعم الذي يلتهم نحو ربع الموازنة المصرية.
وحدد الوزير تكلفة الدعم في موازنة السنة المالية المقبلة قائلا "في حالة عدم تطبيق خطة ترشيد الدعم ستصل (التكلفة) إلى 140 مليار جنيه في السنة المالية الجديدة 2013-2014 ولكن في حالة تطبيق الخطة من أول يوليو سيصل الدعم إلى 100 مليار جنيه. وفي حالة تطبيق الخطة من أول ديسمبر سيصل الدعم إلى 120 مليارجنيه."
وأعرب كمال عن رغبته في البدء بتطبيق خطة ترشيد الدعم بأسرع ما يمكن قائلا "كلما تأخرنا كلما زاد عجز الموازنة."
وقال الوزير الذي بدا متحفظا خلال مقابلته مع رويترز إن بلاده سددت مليار دولار من ديونها إلى شركات النفط العالمية وستدفع مليار آخر خلال بضعة أسابيع.
وتأمل معظم شركات النفط في الحصول على مستحقاتها كاملة لكنها تقر بأن ذلك قد يستغرق عدة سنوات.
وبالرغم من أنها لا تزال تخطط للاستثمار في مشروعات جديدة في مصر إلا ان مسألة الديون تظل تحديا.
ورفض كمال الخوض في أي أرقام عن اجمالي الديون قائلا "حجم المديونية رقم غير معلن ولن يفيد أحد معرفته."
وتظهر إفصاحات مالية من شركات مثل بي.بي وبي.جي وأباتشي وإديسون وترانس جلوب إنرجي أن مصر مدينة لها بأكثر من 5.2 ملياردولار حتى نهاية 2012.
ورغم مشكلة نقص الغاز في مصر أكد كمال إن صادرات الغاز المصري للاردن لا تزال مستمرة.
وقال "لم نتوقف عن تصدير الغاز للاردن. هناك عقود لابد من احترامها وفي نفس الوقت عدم التقصير في تلبية احتياجاتنا من الطاقة."
وذكر الوزير أن هناك اتفاقا بين الجانبين بمواصلة التصدير بمالا يخل باحتياجات الطاقة في البلدين.
ورفض كمال الخوض في تفاصيل العقد الأردني لاستيراد الغاز سواء الكميات أو القيمة أو مدة العقد.
لكن مسؤولا في وزارة الطاقة الأردنية أبلغ رويترز اليوم أن الاتفاقية تم توقيعها في عام 2004 ومدتها 15 عاما وتقضي بتوريد 100 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن التوريد يتم بسعر 2.5 دولار للمليون وحدة حرارية "وتم رفع السعر إلى خمسة دولارات العام الماضي."
وقال كمال إنه لن تكون هناك مشكلة في موسم حصاد القمح الذي بدأ اليوم الاثنين نظرا لأن مصر ستوفر كميات اضافية من السولار خلال شهور الحصاد الثلاثة.
وأضاف كمال "هناك اتفاق بين وزارة البترول ووزارة الزراعة على ضخ 120 مليون لتر(سولار) خلال شهور الحصاد."
وقال كمال "هناك مشكلة في السولار ومازالت (قائمة) وستستمر إلى أن يتم تعديل أسعار السولار أو التحكم في النسبة التي يأخدها كل مستهلك بحيث نمنع التهريب."
وعزا الوزير مشكلة السولار إلى انخفاض سعر بيعه وتهريبه.
وقال "المشكلة الأساسية هي وجود سعر متدن عن السعر الفعلي في الدول المجاورة. كمية السولار التي يتم تهريبها للسفن في البحركبيرة جدا. لو أن هذه السفن تعمل بالبنزين لكانت نفس المشكلة حدثت في امدادات البنزين."
وسقط نحو 12 قتيلا وأكثر من 200 مصاب خلال الشهور القليلة الماضية في اشتباكات بأسلحة بيضاء ونارية أمام محطات الوقود في عدة محافظات بسبب التكالب على السولار أو في هجمات غاضبة على المحطات من مواطنين انتظروا لساعات ولم يجدوا حاجتهم من الوقود.
ورغم تسليمه بوجود مشكلة شدد الوزير على أنه ليست هناك أزمة في السولار نظرا لأنه موجود بالفعل ولكن بأكثر من سعر نتيجة السوق السوداء.
وقال كمال إنه يعتبر وصف أزمة ينطبق على وضع يختفى فيه السولار تماما من السوق ولا يمكن الحصول عليه بأي ثمن.
وذكر أن مصر تضخ حاليا حوالي 37 الف طن سولار (42.5 مليون لتر) يوميا في السوق.
ويرى كمال أن حل مشكلة السولار يكمن في أمرين هما بدء العمل بنظام البطاقات الذكية والقضاء على السوق السوداء.
وقال كمال "تعديل منظومة التسعير من خلال العمل بنظام البطاقات الذكية سيوفر وحده 15 بالمئة من اجمالي استهلاك السولار في مصر. والقضاء على السوق السوداء يوفر 10 بالمئة أخرى من الاستهلاك."
وأعرب عن اعتقاده بأن المشكلة ستخف حدتها في الصيف مع بدء تطبيق نظام البطاقات الذكية وبداية عطلة المدارس والجامعات.
قال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري هشام قنديل في الدوحة إن قطر ستزود مصر بالغاز الطبيعي هذا الصيف عندما تحتاجه.
وبنبرة تنم عن تفاؤل واضح قال كمال اليوم إن مصر اتفقت تقريبا على جميع بنود استيراد الغاز من قطر ولكنه رفض الخوض في المزيد من تفاصيل.
ولكنه كشف عن أن جزءا من الاتفاق مع قطر يتضمن مبادلة حصة شركاء أجانب في مصر وهو ما يتيح دخول الغاز للسوق على الفور.
وبسؤاله عن زيارته لروسيا الاسبوع الماضي وما اذا كانت مصر ستستورد غازا منها امتنع عن الكشف عن أي تفاصيل قائلا "لا أستطيع التصريح بأي شيء يتعلق بالاتفاق مع روسيا."
وذكر مسؤولون اليوم إن الرئيس المصري محمد مرسي سيسعى للحصول على نفط وغاز وصوامع للحبوب عندما يزور روسيا هذا الأسبوع في محاولة لإحياء التعاون بين الدولتين الذي كان مزدهرا في الحقبة السوفيتية.
تعليقات الفيسبوك