عندما كان الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك في السلطة كان يمكن للصحفيين الاجانب قضاء ما يشاءون من وقت مع أعضاء جماعة الاخوان المسلمين الذين كانوا بشكل عام يوجهون انتقادات لاذعة له. لكن مثل هذه المقابلات قد تؤدي بالصحفيين هذه الايام إلى المثول أمام المحكمة بتهمة معاونة جماعة ارهابية في مؤشر على الوجهة التي تسير نحوها مصر بعد ثلاث سنوات من انتفاضة شعبية رفعت سقف الامال في مزيد من الحرية. وقال النائب العام يوم الاربعاء إن مصر ستحاكم أربعة صحفيين أجانب هم أسترالي وبريطانيان وهولندية يعملون لدى قناة الجزيرة بتهمة مساعدة 16 مصريا ينتمون إلى "جماعة إرهابية" في إشارة إلى الاخوان. مجرد تعاملهم مع الاخوان قد يؤدي إلى صدور أحكام بالسجن عليهم. وقمعت مصر أصواتا معارضة منذ أن عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين بعد احتجاجات حاشدة على حكمه. وقتلت قوات الامن المئات من الاسلاميين في الشوارع واعتقلت الالاف وتحاكم قيادات في الجماعة وأعلنت الاخوان جماعة ارهابية. وتقول جماعة الاخوان انها جماعة سلمية. وأثارت الاجراءات ضد مراسلي الجزيرة قلق دبلوماسيين غربيين وجماعات لحقوق الانسان. والجزيرة من المؤسسات الاخبارية العربية التي تنتقد الحكومة المصرية. وقال متحدث باسم الجزيرة إن المزاعم ضد مراسلي الجزيرة "سخيفة ولا أساس لها وخاطئة" وتنتقص من حرية التعبير. وردا على سؤال حول موضوع الصحفيين الاجانب في ضوء قضية مراسلي الجزيرة قال العقيد أحمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة إن القضية لها علاقة بقناة انتهكت القانون وينظر فيها القضاء المصري لا القوات المسلحة. وقالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الامريكية إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية بشأن التراجع المستمر لحرية التعبير والصحافة في مصر." وأضافت "يجب ألا يصبح أي صحفي بغض النظر عن ميوله هدفا لأعمال عنف أو ترويع أو اجراءات قانونية مسيسة. يجب أن يحظوا بالحماية ويسمح لهم بممارسة عملهم بحرية في مصر." ويقول دبلوماسيون غربيون إن المثير للقلق هو أن مسؤولين كبار في وزارة الداخلية وحتى في السلك القضائي يؤمنون بمقولة "إما معنا أو علينا". ويصعب هذا الظروف التي يعمل بها الصحفيون الاجانب. وبعد الاجراء الذي اتخذ مع مراسلي الجزيرة تساءل صحفيون أجانب عما اذا كان اجراء مقابلة مع اعضاء الجماعة قد أصبح الان جريمة. وقالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر إنها ستحمي حرية الصحافة وإن إجراء مقابلة مع أي جماعة ليس جريمة طالما لم يتضمن الأمر تحريضا. وقال صحفي غربي تلقى تهديدات بالقتل على الهاتف من أشخاص اتهموه بالوقوف مع الاخوان ضد الشعب إن مستويات الحيطة سترتفع بعد قضية صحفيي الجزيرة. وقال النائب العام في بيان إن الصحفيين الأربعة نشروا "أكاذيب" أضرت بالمصالح الوطنية وقدموا أموالا ومعدات ومعلومات لستة عشر مصريا. كما وجهت لهم تهمة استخدام جهاز بث غير مرخص. ومكاتب الجزيرة في مصر مغلقة منذ الثالث من يوليو تموز عندما اقتحمتها قوات الامن بعد عزل الجيش لمرسي. وتشير بعض وسائل الاعلام المصرية لمراسلي الجزيرة الاجانب بعبارات مثل "خلية الماريوت" في إشارة إلى الفندق الذي كانوا يعملون منه. وقالت سارة لي ويتسون من منظمة هيومن رايتس ووتش "الامر واضح. قررت الحكومة المصرية أنه لا يمكنها ان تتحمل بعد الان أي صحافة مستقلة تعرض محورا لا تريد أن تراه." وفي التسعينيات من القرن الماضي كانت هجمات الاسلاميين المتشددين أكثر عنفا لكن صحفيا أجنبيا عمل في مصر في تلك الايام قال إنه لم يظن أبدا أنه قد يكون عرضة للمحاكمة لاجرائه مقابلة مع الاخوان أو اسلاميين اخرين. وقال اتش.يه. هلير الخبير في شؤون مصر والزميل في مؤسسة بروكينجز البحثية "كان من الممكن أن يتجول الصحفيون الاجانب بدون حتى تصريح رسمي. كان أقصى ما يتعرضون له هو التوبيخ من الشرطة التي تخبرهم بضرورة اصدار التصاريح. "ليس الان.. لا اوصي باجراء مقابلات مع أحد من الاخوان. فالصحفيون الاجانب مشتبه بهم إلى أن يثبت العكس."
تعليقات الفيسبوك