قال شخص ذات مرة للمخرج المصري شريف القطشة إنه يمكن معرفة الكثير عن شخصية شعب من سلوك سائقيه.
وفي فيلم وثائقي يستغرق عرضه 77 دقيقة أطلق عليه المخرج "القيادة في القاهرة" وعرض أول مرة في مهرجان أبوظبي السينمائي هذا الاسبوع يتتبع القطشة بعض قائدى السيارات في القاهرة من كل فئات المجتمع ويرى في سلوكهم توازيا مع التحديات التي تواجه المجتمع المصري على نطاق أوسع. ومع انقسام المصريين بعد عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي يقول القطشة ان سكان العاصمة سيشتركون دائما في شيء واحد وهو المعاناة من المرور. وقال القطشة "بدأت أفكر في بلدي وقلت هذه هي. هذه هي الطريقة التي يمكنني بها ان أبين شخصية شعب. "القيادة... هي واحدة من أكثر الاشياء مساواة بين الناس في مصر. فسواء أكنت تقود عربة يجرها حمار أم سيارة فارهة يسعى الجميع للانتقال من النقطة أ الى النقطة ب." وفي العاصمة المصرية المزدحمة التي يقيم فيها 20 مليون نسمة القواعد الوحيدة للقيادة التي تستحق الاتباع هي تلك التي وضعها سائقون عانوا عشرات السنين من التأخير فترات طويلة في الشوارع. فالجلوس خلف عجلة القيادة لخوض غمار الزحام في الشوارع يعني الانتقال من حارة مرورية الى أخرى لمجرد احتلال حيز خال وهو ما يسميه المصريون غرزة". كما تشمل تلك القواعد التعود على لغة مصابيح الاضاءة والابواق التي قد تترجم الى أي شيء من طلب مؤدب إلى اهانة لاذعة. وقال القطشة "انها تصبح يومك كله وتخطط حياتك وفقا لذلك بل انك لا تذهب الى اماكن في بعض الاحيان لانه ليس بامكانك التعامل مع حركة المرور." وصورت مشاهد الفيلم على مدى اربع سنوات بداية من عام 2009 قبل عامين من الاطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في انتفاضة شعبية. وتوقف المخرج الذي يقسم وقته بين نيويورك والقاهرة عن التصوير في يونيو حزيران. وأخذته هذه الرحلة من عهد مبارك الى ما قبل عزل مرسي مباشرة. لكنه اختار ان يقتصر فيلمه على المشاهد المصورة حتى انتخاب مرسي عام 2012. وقال "شعرت ان مصر طوت آنذاك صفحة ولذلك قررت ان أتوقف عندها." وقال القطشة ان الفيلم ليس سياسيا. وأضاف "انه ليس فيلما عن الثورة لكنه يدور على نحو ما حول الثورة. "كان هناك هذا التراكم الذي أفضى إلى ما حدث في يناير (كانون الثاني) 2011 واشعر انني سجلت هذا الى حد ما. "حيث إنني لا أعيش في القاهرة لكن اعود إليها بانتظام فقد لمست صعوبة أكبر قليلا في كل مرة في إبراز تلك الروح المصرية وهي الشيء الذي احبه حس الدعابة." ويسجل الفيلم فورة الامل التي اجتاحت مصر بعد الاطاحة بمبارك ثم خيبة الأمل التي شعر بها كثير من الناس لعدم حدوث تغيير حقيقي. وفي أحد المشاهد التي لا تنسى تتعطل حافلة تقل صحفيين خلف مرشح رئاسي في عام 2012 لان السائق انعطف في غير المكان المقصود وسار في طريق ضيق. ولم تصل الحافلة الى مكان الحملة الانتخابية ويرنو السائق في يأس الى العوائق التي تسد عليه الطريق بينما يقرر الركاب النزول والسير بقية الطريق. وقال القطشة "بالنسبة لي كان في هذا تشابه كبير مع الانتخابات المتسرعة." ومع تحول المزاج العام في الشارع من الرجاء الى خيبة الأمل أصبحت لهجة الناس أكثر احباطا. ولخصت امرأة تجلس خلف عجلة القيادة احساسها بالاحباط ازاء الانتظار الذي يبدو بلا نهاية حين تنهدت قائلة "انها فوضى. مصر فوضى كبيرة."
تعليقات الفيسبوك