رافقت أصوات مصرية اليوم الروائي المصري صنع اللـه إبراهيم في زيارة لبيت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد أيام من ذكرى مولد الزعيم الخامسة والتسعين الذي ارتبط بواحدة من الثورات الهامة في تاريخ مصر، ثورة يوليو 1952.
وقال صنع اللـه إبراهيم إن فكرة الزيارة تراوده منذ زمن، وإنه طلب من وزير الثقافة صابر عرب– خلال مؤتمر عقد مؤخرا في شرم الشيخ للأدباء المصريين وترأسه صنع اللـه- زيارة البيت الذي تستعد الوزارة لتحويله إلى متحف تاريخي حيث صدر قرارجمهوري عام 2008 بذلك.
ووضح إبراهيم أن الهدف الأساسي للزيارة يأتي في سياق بحث يتعلق بعمل روائي جديد، وعبر عن أنه سعيد باتمام الزيارة التي أتت قبل يومين من الاحتفال بالذكرى الثانية لآخر ثورات مصر، ثورة يناير، بالتأكيد على استكمالها.
وتلجأ العديد من روايات إبراهيم إلى الأسلوب الوثائقي، وتطرق عدد منها للعهد الناصري، ومنها رواية نجمة أغسطس، التي تناولت انجازات حققها النظام الناصري، لكنها تكشف أيضا أشكالا مختلفة من القهر والقمع.
وقال إبراهيم "لا يوجد نظام سياسي لا يخلو من السلبيات والأخطاء، ولكن هناك جوانب مضيئة في شخص عبد الناصر وعصره".
ويضيف إن عبد الناصر "تبنى نظرة مستقبلية ومشروعات جادة؛ التصنيع والسد العالي والتعليم المجاني والإصلاح الزراعي، واصطدم برفض الدول الرجعية والاستعمارية، الذي تمخض عن هزيمة 1967".
ويعد السد العالي من أهم مشاريع العهد الناصري، وتعرض لانتقادات عديدة بشأن جدواه الاقتصادية وأضراره البيئية المحتملة، لكنه وفر الطاقة الكهربائية اللازمة لمشاريع صناعية، وكميات من مياه الري لاستصلاح أراض جديدة للزراعة، ودعم موقف مصر في مفاوضات صعبة حالية مع دول منابع النيل بشأن حصتها من المياه.
وقال الروائي البارز إن زيارته لبيت ناصر أثارت شجونا لديه، وهاله حالة الإهمال الشديد للبيت، الذي ملأ الغبار أركانه، وووصفه بأنه "صرح من صروح التاريخ المصري الحديث".
وأضاف "لا أستطيع قول انطباعي عن الزيارة الآن، فقد كنت مشغولا بتسجيل ما أراه، واحتاج لوقت حتى أسترجعه".
عاش ناصر وأسرته في هذا البيت المملوك للدولة حتى وفاته في سبتمبر 1970، وهجرته الأسرة بعد وفاة زوجته تحية كاظم في 1992.
وقال إبراهيم، ردا حول سؤال عن اتهام عهد ناصر بالشمولية والديكتاتورية، "ربط ناصر مجده الشخصي بمجد البلاد، وعمل حسب الامكانيات المتاحة، في مواجهة مقاومة ضارية، لكن العالم تغير، وأصبح هناك مزيد من الإدراك لدور الجماهير والتعددية".
وأضاف أن ظروف الستينيات لم تسمح بالتعددية التي بدأت مصر لتوها ممارستها، وأن ناصر كان وليد عصره، فقد كان في كل البلد ذلك الزعيم الأب؛ نهرو وغاندي وديجول وستالين وسوكارنو ولومومبا، الشعوب كانت تبحث عن الأب، والزمن الآن تجاوز هذه الفكرة، وأصبح مجال تحقيق الأحلام مرتبط بالحركة الواسعة للجماهير".
وقال "أدركنا ذلك منذ وجودنا في السجن وبعد السجن، وأضيف إليه الفهم الناضج بعد تجارب سفر في الخارج ومتابعة أحداث في مناطق أخرى، وإدراك قضية السلطة والصراع على السلطة".
كان إبراهيم قضى في فترة الستينيات نحو خمس سنوات – ومثقفون وأساتذة جماعات يساريون وكذلك أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين- معظمها في سجن ناء بالواحات في الصحراء الغربية، وتجلت في بعض كتاباته.
لكنه يرى أن الستينيات كانت أروع مراحل تاريخ مصر الحديثة استطاعت فيه الوصول لمكانة جيدة في العالم من الناحية السياسية والاقتصادية، وقال إنه وضع لم يحلم به "أي من زعماء جماعة الإخوان المسلمين ولا الرئيس مرسي".
كان الرئيس مرسي في أول خطاب بعد فوزه بالرئاسة في ميدان التحرير قال وهو يستعرض مراحل تاريخ مصر الحديثة "وما أدراك ما الستينيات"، وتجنب الرئيس ذكر اسم ناصر حتى في كلمة له بمناسبة ثورة يوليو، ولكنه ذكر اسمه قبل شهور في مؤتمر بطهران لقمة حركة عدم الانحياز التي كان ناصر من مؤسسيها.
وقال إبراهيم عن الاحتجاجات المقرر تنظيمها في 25 يناير المقبل إنها حلقة مهمة من حلقات الضغط على النظام من الجماهير لتحقيق أهداف الثورة، وإنه لا يرفض وصفها بالاحتفالات فلا مانع من الاحتفاء بذكرى الثورة مع العمل على استكمالها.
وقال إن الذكرى الثانية للثورة "تأتي في ظروف تتهددنا فيها أخطار بالغة تصل إلى حد الجوع، وتهديد السيادة الوطنية بمؤامرات غامضة للاستيلاء على أصول دولة مصر؛ الشركات وقناة السويس، يبدو أن وراءها أمور غامضة مثل فكرة الصكوك، والدور القطري وعلاقته بالنظام، وكلها أمور تجري برعاية وتواطؤ الإخوان".
ومعلقا على الانقسام الحالي في السياسة المصرية، قال إبراهيم "أتمنى أن يكون هناك توافق على حد أدنى من الأمور؛ كتابة دستور جديد يعبر عن الأمة، وقبول المشاركة وعدم ترهيب الرأي الآخر والاعتداء عليه، والحفاظ على ثوابت الأمة ومن بينها الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين".
ويؤكد أن "كل من لا يرغب في التوافق وإيجاد الحلول سيتعرض لمصير مبارك" الذي أطاحت به الثورة في فبراير 2011 .
تعليقات الفيسبوك