استشعر المتابعون لجماعة الإخوان المسلمون، منذ إعلانهم عن ترشيح المهندس خيرت الشاطر، لرئاسة الجمهورية، أنهم يترنحون، ويحاولون أن يمتصوا الغضب الذى انفجر فى وجوههم، بسبب الدفع بـ"الشاطر" خلافا لوعودهم إبان سقوط نظام مبارك، بأنهم لن يدفعوا بأى مرشح للرئاسة.
بدأ الترنح فى مواقف الإخوان، بعد ساعة واحدة من إعلانهم ترشيح الشاطر، بعدما استطلعوا آراء زوار صفحة حزب الحرية والعدالة، على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، فى مسألة الدفع بـ"الشاطر" للمنافسة على منصب الرئيس، وكانت الصدمة التى لم يتوقعها الإخوان وحزبهم السياسى، أن كلمة "لا" اكتسحت التصويت، ورفض أكثر من 90% ممن صوتوا فى الاستطلاع، الخطوة التى اتخذها الإخوان بترشيح الشاطر، وحين استشعر الحزب الحرج، اضطر لحذف الاستطلاع، لإخفاء الحقيقة المتمثلة فى رفض الشاطر جملة وتفصيلا.
وقد شن عدد من الرموز السابقين فى جماعة الإخوان، هجومًا عليها، وأعلن بعضهم استقالته، ومن بينهم الدكتور محمد الهلباوى، المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين فى أوروبا، أراد الإخوان امتصاص الغضب بأى طريقة كانت، فخرج الدكتور محمد بديع فى الساعة الثانية صباح يوم السبت الماضى، ليكتب على صفحته بـ"فيسبوك" مدافعا عن موقف الجماعة من ترشيح الشاطر، ويرمى بالمسئولية كاملة على الحكومة، متهما إياها بأن ضعف أداءها كان السبب الرئيسى فى الدفع بمرشح رئاسى عن الجماعة، وكان ذلك التصريح بالنسبة للبعض، محاولة يائسة لامتصاص الغضب الذى تفجر فى وجه الإخوان.
كانت المفاجأة أن الإخوان دفعوا بالمهندس خيرت الشاطر، للمنافسة على منصب الرئيس، لـ"لى ذراع" المجلس العسكرى، حتى يتراجع عن عناده، ويقيل حكومة الدكتور كمال الجنزورى، وهو الأمر الذى يسعى إليه الإخوان بشتى الطرق، منذ أن استحوذ حزب الحرية والعدالة على أغلبية المقاعد فى البرلمان.
أعلن عن ذلك الدكتور حلمى الجزار، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وكشف عن أن الجماعة مستعدة لمراجعة موقفها من ترشيح الشاطر إذا أقال "العسكرى" حكومة الجنزورى، فيما برر موقف الإخوان هذا التوجه بأن الجماعة فى حاجة ماسة إلى سلطة تنفيذية، تستطيع من خلالها تنفيذ قرارات البرلمان، وقال: "السلطة التنفيذية هى الحل".. فيما يبدو تطويرا لشعار الأخوان "الإسلام هو الحل".
وفى تصريحات مناقضة تماما لما أدلى به "الجزار" خرج الدكتور أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، لينفى نية الجماعة فى التراجع عن ترشيح المهندس خيرت الشاطر، تحت أي ظرف. حيث قال أبو بركة تعقيبًا على تصريحات الجزار، إن الوقت مضى ولم تعد هناك فرصة أو مساحة للتراجع، معتبرًا أن القرار تم اتخاذه بعد مفاوضات متعددة داخل الحزب والجماعة للوصول للقرار الصائب على كل المستويات.
وأضاف: "رغم أن أى تنظيم سياسى يجب أن تكون لديه المرونة الكافية لتغيير القرار وفق متغيرات الواقع، إلا أن الظروف اختلفت الآن ولا يمكن التراجع لأن مساحة الحركة باتت محدودة للغاية والاتجاه يسير الآن نحو استكمال الأوراق المطلوبة لترشيح الشاطر".
وما بين وصف الجماعة من قبل البعض بأنها وعدت وأخلفت، وقالت ولم تنفذ، وتحدثت ولم تذكر الحقيقة، وبين التناقض فى تصريحات قياديين بارزين، أحدهما فى الجماعة، والآخر فى "حزب الجماعة"، حول مدى جدية التراجع عن ترشيح الشاطر، اتضحت حقائق ظلت غامضة لفترات طويلة، أهما أنه بعدما ظل الشعار الإخوانى يدور فى فلك الإسلام قرونا، يبدو أن الصياغة المحدثة للشعار أصبحت "السلطة هى الحل".
تعليقات الفيسبوك