يعول أهالي منطقتي بطن البقر وأبو قرن في القاهرة على التحولات التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير2011 وانتخاب محمد مرسي رئيسا للجمهورية في الخروج بهم من دائرة العشوائية التي يقبعون فيها منذ عشرات السنين إلى أفق رحب من العيش الكريم.
رغم الموقع المتميز للمنطقتين خلف مجمع الأديان الذي يضم عددا من الآثار المهمة إلا أن ذلك لم يساعدهما على تجاوز عشوائية المكان الذي فرض بدوره على أهاليه ظروفا معيشية قاسية. وجاء انتخاب مرسي الذي تضمن برنامجه تطوير مثل هذه الأماكن ليعطي أهاليها أملا بحدوث تحول في أوضاعهم.
وقد حصل الأهالي مؤخرا على دعم جديد تمثّل بإطلاق حملة "أحياء بالاسم فقط" من قبل طلاب حزب التحالف الشعبي. وتهدف الحملة إلى التوعية وتعزيز التنمية في العشوائيات.
ووصف أحمد مندور عضو الحملة دورها بأنه "دور تحريضي فى الأساس يهدف إلى دفع سكان العشوائيات للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية". وأشار إلى أن "الحملة ستبدأ نشاطها في مناطق رملة بولاق ومساكن علام وستنتقل إلى بطن البقر وأبو قرن في مرحلة لاحقة".
تعرف بطن البقر التي يزيد عدد قاطنيها على عشرين ألف نسمة بـ"العالم الرابع" الذي يتعدى في قسوته المعيشية ما يعرف بـ"العالم الثالث". فمنازل المنطقة مكونة من غرف متجاورة أو مكدّسة فوق بعضها البعض وكل واحدة تقطنها أسرة كاملة. أما الطرق فضيقة وكثيرة المنحدرات والمنعطفات الأمر الذي يعوق حركة السيارات، وبالكاد تستطيع سيارات الإسعاف والإطفاء التحرك داخل المنطقة إذا لزم وجودها هناك.
"نعيش في ظروف صعبة لا يتخيلها أحد". هكذا يقول أحمد إبراهيم – موظف - مؤكدا أن المنطقة لا يوجد فيها مياه صالحة للشرب مما يضطر الأهالي لشرائها من سيارة تأتي كل يوم محملة بحاويات مياه تكلفة الواحدة منها جنيهان مما يسبب عبئاٌ مالياَ كبيراُ عليهم.
ويضيف "الغالبية العظمى من أهالي المنطقة تحت خط الفقر ويعملون بأعمال يومية يتقاضون عنها أجوراً هزيلة لا تتعدى ثلاثين جنيها في اليوم".
ويضيف "بعد الثورة سمعنا عن مشروعات لتطوير المنطقة عبر توصيل شبكات المياه والمجاري وأخرى لإزالة المنطقة وتسكين الأهالي بالمدن الجديدة وفي الحالتين لم يحدث شيء بل تزداد حالتنا سوءا".
ويطالب أحمد الرئيس مرسي بـ"توفير كوب مياه شرب ليس من أجلنا فقد اعتدنا هذه الحياة ولكن من أجل أبنائنا حتى لا يقعوا فريسة للأمراض".
"المنطقة لا يجدي معها سوى أمر واحد هو الإزالة وإعادة بنائها من جديد بشرط توفير البديل لسكانها". هكذا يؤكد عبد الله محمود – عامل – والذي يضيف "المنطقة خالية من الخدمات فأقرب مدرسة ابتدائية تقع على بُعد أربعة كيلو مترات بينما يبعد أقرب مستشفى نحو خمسة كيلو مترات. ولا يوجد فرن للخبز فنضطر لشرائه من الباعة الذين يحضرونه من المناطق المجاورة بسعر أعلى".
ويطالب عبد الحليم أحمد الرئيس مرسي بـ"إجراء التطوير من خلال إدخال المرافق وتمهيد الطرق".
منطقة أبو قرن الواقعة خلف جامع بن العاص والتي يقطنها نحو 15 ألف نسمة تعاني أيضا من مشكلات لا حصر لها وأهمها يتعلق بـلقمة العيش. فالغالبية العظمى من الأهالي يتخذون من تجارة المقتنيات القديمة وسيلة وحيدة للحصول على الأموال القليلة ومع ذلك – كما يقول علي جمال – البلدية تقف لهم "بالمرصاد وتقوم بمصادرة المركبات الصغيرة والعربات التي تجرها الدواب والمستخدمة في تجارتهم ويمنعون مرورها بشوارع القاهرة وبالتالي فمن يفكر في الخروج من اجل الحصول على عشرة جنيهات سيجد نفسه مطالبا بدفع غرامة قد تصل إلى مائتي جنيه فضلا عن مصادرة محتويات العربة".
ويضيف "علينا أن ندفع كل يوم أموالا لأمناء الشرطة في شكل رشاوى حتى نستطيع مواصلة عملنا مما يرهقنا ماديا".
ويؤكد انه "ضد إزالة المنطقة نظرا لما يترتب على ذلك من نقل الأهالي لمناطق بعيدة جدا عن أماكن عملهم".
ويقول اللواء عبد الخالق عزوز رئيس حي منطقة مصر القديمة بمحافظة القاهرة والتابعة له منطقتا بطن البقر وأبو قرن: "مهندسو الحي أعدوا دراسات عديدة على المنطقتين انتهت إلي ضرورة إزالة بطن البقر نظرا لعدم جدوى التطوير معها لاسيما في ظل المعطيات الجغرافية التي تحول دون ذلك" موضحا أن "المنطقة تقع أسفل قمة جبلية كما أن شوارعها ضيقة".
وأشار إلى أن "الدراسات أكدت إمكانية تطوير منطقة أبو قرن بما يتلاءم مع المنطقة الأثرية المحيطة بها" مشيرا إلى أن "هناك مشروعا لتطوير المنطقة من خلال الاستعانة بكبرى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال ولكن الأمر يتوقف على تخصيص الموارد المالية".
تعليقات الفيسبوك