كتبت: فيولا فهمي
عدد الأجهزة الرقابية في مصر يوحي بجهد كبير للتصدي للفساد في مختلف المجالات لكن مع وجود 26 جهازا رقابيا ما زالت مصر في منتصف مؤشر قياس الفساد لمنظمة الشفافية العالمية وبالتحديد في المركز 94 ضمن 175 دولة في عام 2014.
ويتصدر العمل الرقابي في مصر 3 أجهزة رئيسية، وهي الجهاز المركزي للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية، والنيابة الإدارية، فيما تتبع الوزارات والهيئات الحكومية عشرات الأجهزة الرقابية النوعية.
وتزداد البنية التشريعية للأجهزة الرقابية في مصر تعقيدا عقب إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي قانونا مقتضبا يمنح رئيس الدولة الحق في إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، بعد أن كانوا غير قابلين للعزل من قبل.
ويحدد القانون رقم 89 لسنة 2015 الحالات التي يجوز فيها إعفاء رؤساء الهيئات الرقابية من مناصبهم، وهي:إذا قامت بشأنه دلائل جدية على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، أو إذا فقد الثقة والاعتبار، أو إذا أخل بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو إذا فقد أحد شروط الصلاحية للمنصب الذي يشغله لغير الأسباب الصحية.
ويتعارض هذا القانون الجديد بشكل صريح مع المادة "215" من الدستور، والتي تنص على أن "تتمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الفني والمالي والإداري".
وتعكس الأزمة الأخيرة لتصريحات المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هذه المعضلة القانونية، حيث قال جنينة إن المبالغ المهدرة بالدولة تقدر بنحو 600 مليار جنيه، ما دعا السيسي إلى تكليف لجنة لتقصي الحقائقاتهمت تقرير جنينة بعدم المصداقية وعدم الدقة.
ويتبع الجهاز المركزي للمحاسبات -الذي يراقب مالية المؤسسات والهيئات الحكومية- رئاسة الجمهورية مباشرة، رغم أنه من المفترض أن يراقب الأوضاع المالية لمؤسسة الرئاسة نفسها.
وقال أسامة دياب، باحث في قضايا مكافحة الفساد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن الإطار التشريعي للأجهزة الرقابية في مصر يتسم بالتضارب والتعارض.
وأضاف دياب، في تصريح لأصوات مصرية، أن فض الاشتباك القائم بين الأجهزة الرقابية والتنفيذية يتحقق من خلال منح مجلس النواب سلطة تعيين رؤساء الهيئات الرقابية بدلا من رئيس الجمهورية.
وتابع أن "تلك الهيئات هي الذراع المراقبي والمحاسبي للمجلس التشريعي، وبالتالي يجب أن تقدم ميزانياتها للبرلمان وليس لوزارة المالية، ولا يجوز عزل رؤسائها إلا بموافقة أغلبية نواب المجلس".
وعاب دياب على مؤسسة الرئاسة ما سماه بـ"التدخل في عمل الأجهزة الرقابية"، رغم أنها من المفترض أن تخضع لرقابة تلك الأجهزة، مؤكدا أن تلك المعضلة هي التي تسببت في الأزمة الأخيرة للجهاز المركزي للمحاسبات.
وبالمخالفة للرأي السابق يرى عاصم عبد المعطي، رئيس المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، تبعية الأجهزة الرقابية لمجلس النواب لا تقل سوءا عن تبعيتها لرئاسة الجمهورية.
وأوضح عبد المعطي، في مقابلة مع أصوات مصرية، أن نسبة كبيرة من موظفي الجهاز المركزي للمحاسبات –على سبيل المثال- يتم تعيينهم "بالمجاملة لأعضاء مجلس النواب، ما يطعن في استقلالية الجهاز المركزي للمحاسبات".
وأضاف عاصم عبد المعطي، الذي كان يشغل منصب وكيل الجهاز المركزي للمحاسبات، أن عددا من الجهات كان يتم استبعادها من رقابة الجهاز المركزي، وعدد آخر من التقارير كان يتم تجاهلها بسبب عدم استقلالية "المركزي للمحاسبات".
ودعا عبد المعطي إلى انعقاد الجمعية العمومية للأجهزة الرقابية واختيار 3 أعضاء بناء على اعتبارات الكفاءة والجدارة والأقدمية، ويتم إرسال الأسماء لمؤسسة رئاسة الجمهورية لاختيار واحد منهم، لضمان توافر خبرة العمل الرقابي في رؤساء تلك الأجهزة بدلا من استقدامهم من الخارج.
تعليقات الفيسبوك