يبعث قدوم رمضان البهجة في نفوس المسلمين في مصر الذي يستقبلون الشهر بمهرجانات واحتفالات ليلية. لكن القاهرة تشهد أجواء مختلفة هذا العام نظرا لما شهده هذا الأسبوع من أحداث.
وبدلا من أن يقوم علي محمد بتعليق الفوانيس الملونة في شارعه قام بإنزالها. فمزاجه لا يسمح له بأن يحتفل بينما تنجرف مصر إلى حمام دم وقلق في أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي الأسبوع الماضي.
قال محمد وهو فني عمره 52 عاما متضرعا "يا رب.. ماذا حدث لنا.. ساعدنا." وكان ينزل من على سلم متنقل حاملا معه حبلا به فوانيس صغيرة ملونة.
وكما تعود في الأعوام العشرة الماضية أضاء محمد الفوانيس في شارعه بحي عابدين بالقاهرة قبل يومين استعدادا لقدوم رمضان الذي يبدأ أول أيامه يوم الأربعاء. لكن عشرات القتلى الذين سقطوا في اشتباكات بين أنصار مرسي وبين الفصائل المعارضة والجيش أفسد الأجواء.
قال محمد "لم اتخيل قط أن يأتي اليوم الذي أرى فيه مسلمين يتقاتلون بعضهم مع بعض." وتابع "شاهدت التلفزيون في اليوم التالي. رأيت متظاهري التحرير يصلون ورأيت المتظاهرين عند مسجد رابعة العدوية يصلون أيضا. وبعد ساعات قليلة رأيت الطرفين يقتلون بعضهم بعضا. لماذا؟ كلهم مسلمون ويصلون لإله واحد."
وحالة اليأس التي يشعر بها محمد سائدة في القاهرة ومدن أخرى حيث تعطل الاحتجاجات والإجراءات الأمنية السفر.
والأكشاك التي تقام سنويا لبيع فوانيس رمضان أقل من المعتاد وكذلك المحال التي تبيع الحلوى. وكثير من المقاهي في القاهرة مغلقة أو أن الأجواء الاحتفالية المصاحبة لشهر رمضان أقل على نحو ملحوظ.
وتتذكر عزة محمود (45 عاما) ربة منزل القول الشائع بأن من لم ير رمضان في مصر لم يعرف رمضان. ومضت تقول "بعد هذا العام لن نستطيع أن نقول هذا."
وعادة ما تكون بداية رمضان مناسبة لتبادل التهاني لكن المزاج متشائم هذا العام. ولم تجد منى أحمد (60 عاما) وهي نشطة ليبرالية وربة منزل كلمة تهنئة تقولها للفصائل المتحاربة. وقالت "الله يحرقهم جميعا."
وبالنسبة لإبراهيم خان (26 عاما) وهو موظف في شركة تطبع الكتب المدرسية ومؤيد لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي فإن دعاءه في رمضان هذا العام موجهة لخصومه السياسيين. وقال "ربنا ينتقم ممن تآمروا على مرسي وعلى شرعيته."
وبالنسبة لكثيرين فإن شهر رمضان فرصة للاعتكاف والابتعاد عن مشاكل مصر.
تردد ياسمين وهي طالبة عمرها 22 عاما دعاء يردده كثيرون ممن تضيق أمامهم السبل في مصر "يا رب مالناش (ليس لنا) غيرك."
ويلف علي محمد فوانيسه بعناية قائلا لعل الشهر يجود علينا بخير. وقال "لم يتبق للمصريين غير رمضان... نسأل الله أن يأتي بالسكينة والتغيير لا شيء آخر يفلح على ما يبدو."
تعليقات الفيسبوك