أفتت دار الإفتاء المصرية بجواز التعامل بشهادات الاستثمار لتمويل مشروع قناة السويس الجديدة، باعتبارها "عقد تمويلٍ بين المشتركين والدولة، ولا تُعَدُّ بحال من الأحوال قرضًا".
وأوضحت في فتوي نشرتها على موقعها الإليكتروني اليوم، أن "عقود التمويل الاستثمارية بين البنوك أو الهيئات أو الجمعيات العامة من جهةٍ وبين الأفراد أو المؤسسات والشركات مِن جهةٍ أخرى هي في الحقيقة عقودٌ جديدةٌ تحقق مصالح أطرافها، والذي عليه الفتوى أنه يجوز إحداثُ عقودٍ جديدةٍ مِن غير المُسَمَّاة في الفقه الموروث ما دامت خاليةً من الغرر والضرر، محققةً لمصالح أطرافها، كما رجحه المحققون من العلماء".
وأضافت دار الإفتاء أن "الاعتراض على هذا العقد بأن فيه غرراً أو ضرراً أو رباً ليس بصحيح؛ لأن الواقع المَعِيش قد تَغَيَّر بمجموعةٍ مِن العلوم الضابطة؛ كدراسات الجـدوى وبحوث العمليات والإحصاء والمحاسبة، التي يغلب على الظن دقتها والعمل على الابتعاد عن الغرر والضرر".
وبدأ المصريون شراء شهادات استثمار قناة السويس يوم الخميس الماضي، من البنوك الأربعة الحكومية المصدرة لها (الأهلي ومصر والقاهرة وقناة السويس)، فيما يبدأ من اليوم شراء الشهادات من خلال كافة البنوك المحلية، وذلك بهدف جمع 60 مليار جنيه لتمويل مشروع حفر قناة السويس الجديدة والأنفاق والطرق الخاصة بالمشروع.
وطرحت الشهادات بفئات 10 و100 و1000 جنيه ومضاعفاتها بفائدة 12% ومدتها خمس سنوات، ويصرف العائد للفئات من ألف جنيه وأكثر كل 3 شهور، بينما فئتي الـ10 و100 جنيه تصرف في نهاية الفترة.
ووفقاً لمحافظ البنك المركزي بلغت حصيلة اليوم الأول لطرح الشهادات 6 مليارات جنيه.
وقالت الدار إن "الشخصية الاعتبارية المتمثلة في الدولة والهيئات والجمعيات العامة لها من الأحكام ما يختلف عن أحكام الشخصية الطَّبَعِيَّة؛ حيث اعتبر الفقهاء أربع جهاتٍ لِتَغَيُّرِ الأحكام مِن بينها تغيرالأحكام على قَدْرِ طبيعة الأشخاص؛ فأَقَرُّوا -على سبيل المثال- عدمَ استحقاق زكاة على مال الوقف والمسجد وبيت المال، وجوازَ استقراض الوقف بالربح عند الحاجة إلى ذلك".
وقالت دار الإفتاء إن "الأرباح المقدمة على هذه الشهادات إنما هي لتشجيع الأفراد على الاكتتاب فيها؛ حتى يُمكِنَ للدولة مواجهةُ التحديات وحَلُّ الصعاب ودرأ العقبات، ودفع عجلة التنمية المستدامة بأسلوبٍ حكيم".
وأضافت دار الإفتاء أن "الهدف من إصدار هذه الشهادات كما هومقرر: هو دعم الوعي الادخاري لدى جمهور المتعاملين، وتمويل خطة التنمية في الدولة، وتقوية الاقتصاد المصري في منظومة تنهض بالمجتمع وتعزز أسباب التكافل والتعاون فيه، مع الحفاظ على هوية وأمن الوطن ضد أي مخاطر مستقبلية".
وأوضحت الفتوى إن "هذه الشهادات عقودُ تمويلٍ جديدةٌ خاليةٌ مِن الغرر والضرر والربا تُحَقِّقُ مصالحَ أطرافها، ولذا فهي معاملاتٌ جائزةٌ ولا شيء فيها،ولا مانع مِن الاستثمار فيها شرعًا".
وقالت الدار إنها "تناشد أبناء الشعب المصري الكريم أن يرجعوا إلى الجهات المتخصصة المشهود لها عبر العصور بالوسطية في بيان الأحكام الشرعية، متمثلة في الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ، وألا يأخذوا فتاويهم من غير المتخصصين والذين لا يجدون أنفسهم إلا في دائرة التحريم لكل شيء، وهم لا يدرون أنهم بذلك يصدون عن دين الله، ويجعلونه عرضة للوصف بأنه غير صالح لكل زمان".
تعليقات الفيسبوك