- فاروس: كل دولار لدى المركزي يقابله دين مستحق السداد لاحقا
- إسماعيل حسن: لا توجد خطورة والعبرة بمواعيد استحقاق الديون
- خبيرة اقتصادية: ليس أمامنا سوى الاستدانة في الأجل القصير
كتب: عبد القادر رمضان ومي قابيل
ارتفع صافي الديون المستحقة على البنك المركزي المصري بالعملات الأجنبية ليزيد على ما يملكه من أصول بهذه العملات بنحو 560 مليون دولار، في نهاية شهر سبتمبر الماضي، وذلك لأول مرة منذ عام 1992، كما قال بنك الاستثمار فاروس، في مذكرة بحثية أصدرها مساء الأحد، مستندا إلى بيانات رسمية للمركزي.
وقال هاني جنينة، رئيس قسم البحوث في فاروس، لأصوات مصرية إن هذا يعنى أن كل النقد الأجنبي الذي بحوزة البنك المركزي أصبح مغطى بالديون الخارجية والودائع، "لا يوجد دولار منه غير مستحق السداد في وقت لاحق. ليس هذا فحسب بل إن الديون المستحقة على المركزي في أوقات لاحقة زادت عما لديه حاليا من عملات أجنبية بأكثر من نصف مليار دولار".
وأوضح جنينة أن هذه الالتزامات التي على البنك المركزي والتي ترصدها المذكرة البحثية تخص فقط المركزي وليس باقي البنوك المصرية.
واعتبر إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزي الأسبق، أن هذا الوضع لا يمثل خطورة "طالما كانت هذه الأرقام معلنة ومعروف كيف ستتم معالجتها". وقال، لأصوات مصرية، إن العبرة بموعد استحقاق الديون والالتزامات على البنك المركزي وشروطها.
وتشمل الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي ما في حوزته من نقد أجنبي، بالإضافة لمستحقاته لدى الغير، مثل القروض التي يمنحها للبنوك الأخرى بالعملة الأجنبية، كما يوضح حسن.
ويتكون الاحتياطي من نقد أجنبي (ما يقرب من 80% من إجمالي الاحتياطي)، بالإضافة إلى ذهب وحقوق السحب الخاصة لمصر لدى صندوق النقد الدولي.
وتقول سلوى العنتري، الرئيس الأسبق لقطاع البحوث في البنك الأهلي، إنه وفقاً للوضع الجديد فإن الديون (الالتزامات) أصبحت تشكل المكون الرئيسي من الاحتياطيات النقدية، بينما كان مصدر الاحتياطي في أوقات سابقة ودائع تخص المركزي ناتجة عن فوائض في المعاملات الخارجية.
ويوضح جنينة أن الاحتياطي من العملة الصعبة عادة ما يتم بنائه من خلال شراء المركزي لفوائض الدولار لدى البنوك، بالإضافة لما تحصل عليه الدولة من عائدات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين في الخارج وقناة السويس، التي تودع لدى المركزي باعتباره بنك الحكومة.
"لكن الوضع حاليا هو أن البنوك ليس لديها فائض من الدولارات، بالعكس لديها نقص، نتيجة أن الواردات المصرية أعلى من الصادرات"، كما يقول جنينة.
وتستورد مصر من الخارج ثلاثة أضعاف ما تصدره، حيث بلغت وراداتها في العام الماضي 60.8 مليار دولار مقابل صادرات بقيمة 22 مليار. كما يعاني الاقتصاد من صعوبة في إتاحة النقد الأجنبي بعد اضطرابات سياسية متوالية أثرت على تدفق الاستثمارات الأجنبية وحركة السياحة.
وتراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي بنحو 1.76 مليار دولار في شهر سبتمبر الماضي، إلى 16.335 مليار دولار مقارنة مع 18.096 مليار دولارفي أغسطس، نتيجة سداد مصر لسند مستحق أصدرته منذ عشر سنوات بقيمة 1.25 مليار دولار، بالإضافة لزيادة مدفوعات واردات الغاز والمواد البترولية، في الوقت الذي لم تقابلها زيادة في حصيلة الدولة من العملة الصعبة.
وحصلت مصر على مليارات الدولارات من دول خليجية بعد ثورة يناير 2011، كان آخرها 6 مليارات دولار ودائع من الإمارات والكويت والسعودية تسلمها البنك المركزي في إبريل الماضي، عقب مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، وهو الشهر الذي شهد أعلى ارتفاع لاحتياطيات مصر من النقد الأجنبي ببلوغها 20.5 مليار دولار.
وكانت وكالة موديز الدولية للتصنيف الائتماني قد قالت، في تقرير لها الشهر الماضي، إن مصر "تعتمد على الدعم الخارجي للمانحين في حفظ موازين تعاملاتها الخارجية، وهذا ينعكس بشكل سلبي على تصنيفها الائتماني، وحجم السيولة المتاحة لتعاملاتها مع الخارج".
"الحكومة ستضطر للاعتماد على الاستدانة لفترة في سداد التزاماتها قصيرة الأجل، سواء بطرح سندات في الخارج أو بالحصول على قروض من جهات دولية أو مساعدات خليجية، لأنه لا توجد طريقة سريعة لزيادة موارد النقد الأجنبي"، تقول ريهام الدسوقي، خبيرة اقتصادية.
والالتزامات قصيرة الأجل تشمل الواردات وأقساط الديون المستحقة على مصر، مثل أقساط نادي باريس، التي يتم دفعها بانتظام في يناير ويوليو من كل عام.
أما بالنسبة للأجل الطويل فهناك إصلاحات جذرية يجب أن تقوم بها الحكومة لزيادة الموارد، بحيث يتغير الوضع ولا نظل معتمدين على الاستدانة، أضافت ريهام.
وتسعى الحكومة حاليا لتدبير تمويل دولي في حدود 4 مليارات دولار من خلال الحصول على قروض من البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، بحسب ما قاله رئيس الوزراء شريف إسماعيل في وقت سابق، كما أنها تخطط لإصدار شريحة جديدة من السندات في السوق الدولية بقيمة 1.5 مليار دولار.
كما أعلنت الحكومة عن طرح أراضي للمصرين بالخارج تستهدف منها جمع نحو 2.5 مليار دولار.
وترى فائقة الرفاعي، الوكيل الأسبق لمحافظ البنك المركزي، إن الحجم الحالي للاحتياطي يغطي واردات مصر لما يزيد قليلا على شهرين، بينما يفترض ألا تقل تغطيته للواردات عن ستة أشهر، وبالتالي "لا يجب على المركزي أن يمس هذه المبالغ لتدعيم سعر الصرف".
ويرجع جانب من تراجع احتياطات النقد الأجنبي خلال السنوات الأخيرة إلى استخدام المركزي لجزء من تلك الاحتياطيات في دعم قيمة الجنيه المصري.
وتقول فائقة إننا "نحتاج كذلك لمعالجة المشكلة جذريا من خلال تنمية التصدير لتصبح هناك مصادر إنتاجية وليست ريعية لمواردنا من النقد الأجنبي".
وتعمل الحكومة حاليا على خطة لترشيد الاستيراد وزيادة الصادرات التي تتراجع بشكل مستمر منذ 9 أشهر، لتخفيف العجز في الميزان التجاري الذي يفاقم من أزمة عدم توافر النقد الأجنبي.
وتقول مذكرة فاروس "يبدو أن الخيار الأسرع أمام الحكومة هو التحكم في الواردات" لتخفيف ضغط الطلب على الدولار غير المتوفر.
تعليقات الفيسبوك