كتب: محمد جاد
بحكم عمله كمدير لمقهى في الحي الأول بمدينة السادات الصناعية، يتابع الناشط اليساري الشاب، بهاء محمد، النقاشات السياسية لرواد المكان، والتي يقول إنها ازدادت سخونة بعد خروج رجل الأعمال أحمد عز من محبسه.
وبحسب قوله، فقد تسبب خروج عز في انقسام مرتادي المقهى إلى فريقين، الأول من الأجيال الشابة التي تعتبر خروج القيادي السابق بالحزب الوطني المنحل مؤشرا على انهزام ثورة يناير، وضياع التضحيات التي بُذلت فيها، والفريق الثاني من الأجيال الأكبر سنا والذي كان سعيدا بعودة عز للمدينة التي كان نائبا برلمانيا بها، ولائما على الثورة وما جلبته من اضطرابات.
أحمد عز مساهم رئيسي في مجموعة حديد عز التي تصنف على أنها المنتج الأكبر للصلب في مصر، ووجهت له بعد ثورة يناير اتهامات مختلفة بممارسات فساد، دخل بسببها السجن بعد عزل مبارك بستة أيام.
وبعد ثلاث سنوات قضاها عز في السجن قيد المحاكمة تم إطلاق سراحه في أغسطس الماضي عقب سداد غرامات مالية ضخمة.
وسعى عز للترشح في الانتخابات ولكن المحكمة الإدارية العليا رفضت ترشحه في مطلع سبتمبر من هذا العام لعدم امتلاكه حسابا بنكيا، وهو شرط قانوني للترشح، وذلك بسبب استمرار التحفظ على حساباته البنكية حسب القرارات الصادرة من النيابة العامة على ذمة قضايا جنائية.
وبالرغم من أن عز مستبعد بحكم القضاء من المنافسة على دائرة السادات في انتخابات 2015، لكن اسمه كان حاضرا في مناقشات المواطنين الذين التقتهم "أصوات مصرية" في هذه المدينة على اختلاف اتجاهاتهم السياسية.
فمنهم من يتمنى ترشحه لأنه الأقدر، من وجهة نظره، على تقديم خدمات لأهل المدينة، ومنهم من يقاطع الانتخابات لأنه يرى أن المتنافسين الأقوى في الدائرة رجال أعمال سيكررون تجربة عز.
يشير بهاء محمد من إحدى نوافذ المقهى لمبنى تمتلئ جدرانه بشعارات معادية للإخوان، ويقول الناشط الشاب، الذي ينتمي لأحد الأحزاب اليسارية، إن البناية كان بها مقر لحزب الحرية والعدالة وتعرضت لهجوم من أهالي المدينة وقت أحداث 30 يونيو التي انتهت بعزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للإخوان المسلمين.
"لم تعد هناك نقاشات على المقهى تدافع عن الإخوان.. من يتعاطف معهم يتحدث في ذلك بصوت منخفض.. فهناك حالة رفض لهم من كثيرين هنا في الوقت الحالي، وإن كانت مظاهراتهم استمرت في مدينة السادات حتى وقت قريب"، كما يصف بهاء أجواء المدينة الصناعية التي كان يمثلها في برلمان 2012 نائبان من التيار الإسلامي، أحدهما ينتمي لحزب الحرية والعدالة والآخر لحزب النور.
تستطيع أن تلاحظ من خلال جولة سريعة في مدينة السادات الانقسام السياسي القوي بين أهالي المدينة، والذي تعكسه الشعارات المختلفة على جدران بعض المباني، فمنها ما هو معاد للإخوان ومنها ما يساند الرئيس السابق المنتمي للجماعة.
لكن التحولات السياسية التي انطلقت شرارتها في 2011 وأطاحت بنظامي مبارك ومرسي لم تقض على صورة عز كرجل مؤثر في المجال العام، بالرغم من كونه أمينا سابقا للتنظيم في الحزب الحاكم الذي حلته السلطة العسكرية بعد سقوط مبارك، وتعمل الدولة حاليا على هدم مقره الرئيسي المطل على كورنيش النيل في القاهرة.
"لو كان عز ترشح للانتخابات وهو محبوس في السجن كان سينجح" يقول محمد عبد المقصود، صاحب محل تصوير فوتوغرافي بالسادات، والذي كان مرافقا لرجل الأعمال الشهير لتصوير بعض أنشطته العامة في المدينة قبل الثورة.
ويبني عبد المقصود استنتاجاته عن شعبية عز من واقع مشاهداته السابقة للخدمات التي كان يقدمها في الانتخابات البرلمانية السابقة للثورة.
لكن عبد المقصود لا يؤمن بالنموذج السياسي لعز، ويشارك الكثير من مواطني المدينة في الاعتقاد بأن رجل الأعمال المقرب من جمال مبارك قد استفاد من قوة نفوذه خلال حكم الحزب الوطني، لكنه يراه الأقدر على الإنفاق على تقديم الخدمات لأهالي المدينة، في ظل عدم وجود أي أفق لتحقيق أمال الثورة في العدالة الاجتماعية.
لذلك علق على الأوضاع الحالية بقوله "كله في النازل".
وبحسب بهاء محمد، فقد انتعشت خدمات عز لأهل المدينة بعد الإفراج عنه "لقد وزع بالفعل شنط أغذية في أحد المقرات التابعة له في رمضان الماضي، وكان عليها إقبال كثيف من المواطنين".
ويشتهر عز في المدينة الصناعية التابعة لمحافظة المنوفية بتقديم خدمات تعوض المواطنين عن ضعف إنفاق الدولة على احتياجاتهم الأساسية، حيث كرر مواطنو السادات الذين التقتهم "أصوات مصرية" الحديث عن مدى استفادتهم من خدمات النقل التي يوفرها عز لطلبة الجامعة.
بالإضافة إلى الخدمات العلاجية المدعمة ومساعدة حديثي الزواج بتوفير الأجهزة الكهربائية لهم، إلى جانب رعاية بعض الخدمات في مراكز الشباب كتنظيم الرحلات الترفيهية، "لو كان ترشح كان قدم خدمات أكبر مما يقدمه حاليا، لهذا كنت أتمنى ترشحه" كما يقول عبد المقصود.
ولكن ثورة يناير ربما تكون قد غيرت من وعي قطاعات من مواطني السادات ممن أصبحوا يرفضون عز كرمز لعصر مبارك، ومنهم أحمد، شقيق بهاء محمد وشريكه في إدارة المقهى، والذي كان عضوا في الحزب الوطني ثم رفض أفكار الحزب متمردا على أرائه السياسية قبل الثورة، "محدش كان فاهم.. الحزب الوطني هو الذي أفسد البلد".
ولا يكترث أحمد لانتخابات 2015 إذ يرى أن المرشحين الأقوى فيها من رجال الأعمال "كلهم من نفس الطينة" في إشارة إلى نموذج المرشحين الذين يبنون شعبيتهم على شراء أصوات الناخبين بالخدمات.
ويشارك بعض عمال السادات أحمد في عدم اكتراثهم بالانتخابات الحالية، فمجدي محمد، نائب رئيس اتحاد النقابات المستقلة بالمدينة الذي يضم 18 نقابة، يحمل مشاعر سلبية لأحد أبرز المرشحين من رجال الأعمال بالمدينة، لأنه قام بتسريح عدد من عمال شركته منذ حوالي 4 أشهر، على حد قوله.
"مصالح العمال مهددة في البرلمان المقبل إذا لم يكن هناك من يمثلهم، فهناك العديد من التشريعات المعطلة مثل قانون العمل والحريات النقابية تنتظر هذا البرلمان لإقرارها، وإذا سيطر على البرلمان رجال أعمال معادون للعمال ستصدر تلك التشريعات ضد مصالحهم".
يتفق أحمد درويش، رئيس النقابة المستقلة بأحد مصانع المدينة، مع الرأي السابق، ويقول"الانتخابات محسومة لمن يمتلك المال".
وبالرغم من رفض درويش لنموذج أحمد عز السياسي لكنه يرى أنه من الصعب مقاومة شعبيته بين العمال لأن "خدماته تصل مباشرة للطبقة العاملة".
وسعى اتحاد عمال السادات لتطبيق تجربة رائدة في تكوين قائمة انتخابية عمالية تنافس رجال الأعمال في المدينة. لكن نائب رئيس اتحاد النقابات المستقلة بالمدينة يقول إن التجربة تم تأجيلها بسبب التأخير المتكرر لتنظيم الانتخابات مما أشعر الاتحاد بـ"عدم الجدية".
موضوعات متعلقة:
تعليقات الفيسبوك