حول طاولة كبيرة إلتف عدد من أخصائيي خط نجدة الطفل ومندوبي منظمات أهلية، في إحدى قاعات المجلس القومي للطفولة والأمومة، تحيطهم ثلاث شاشات تنقل بثا مباشرا من لجان الاقتراع عبر الفضائيات المختلفة، وأمامهم أجهزة كمبيوتر متصلة بالخط وبفرق ميدانية في الشارع.
هذا هو المشهد في غرفة عمليات مرصد مكافحة الاستغلال السياسي للأطفال، التى بدأت عملها قبل أسبوع من الانتخابات، كما تقول عزة العشماوى الأمين العام للمجلس، لرصد حالات الاستغلال السياسي للأطفال، على غرار الغرفة التى عقدها المجلس خلال الاستفتاء على الدستور في 14 و15 يناير الماضى.
الغرفة ترصد حالات استغلال الاطفال عبر طريقين، الاول هو بلاغات المواطنين عبر خط نجدة الطفل، والثاني هو الفرق الميدانية للجمعيات المشاركة، والتى تجوب عدة مناطق في القاهرة والمحافظات.
تقول العشماوي إن نسبة البلاغات التي تأتي من المواطنين قليلة إذا ما قورنت بما ترصده الفرق الميدانية، وهو مؤشر ربما إلي عدم معرفة الكثير من المصريين بوجود هذا الخط، أو إلي عدم التفات المواطنين كثيرا إلي ما يعتبره القانون استغلالا سياسيا للأطفال.
ومن البلاغات التي وردت أخيرا لغرفة العمليات بلاغ يتهم صاحب فيلا بمدينة نصر بمحافظة القاهرة بإستئجار سماعات واستقطاب أطفال من أبناء حراس العقارات المجاورة، للدعاية أمام إحدي اللجان للمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسى.
كما ورد بلاغ آخر من مواطن يطالب التدخل لمنع إستغلال 150 طفلاً تتراوح أعمارهم من 8 الى 14 سنة فى الدعاية الإنتخابية، إذ وجدهم يرتدون تيشيرتات عليها صور السيسى وبوسترات حملته الانتخابية بمحافظة الجيزة.
ورصدت غرفة العمليات قيام قوات الأمن بتفريق 200 طفل بمدينة 6 اكتوبر، كانوا يرفعون شعارات رابعة العدوية ويمنعون الناخبين من الوصول الى مقار اللجان الانتخابية، فيما تلقت بلاغاً بوجود حشد كبير بجوار قسم الطالبية بمشاركة عدد من الأطفال، تحت حراسة من قوات الأمن بالجيزة.
لا يتوقف عمل الغرفة عند الرصد والتوثيق فقط، بل يتعداه إلى ملاحقة منتهكي حقوق الطفل قانونيا، عن طريق تقديم بلاغات للنائب العام، يقول محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، وهي إحدى الجمعيات المشاركة في المرصد.
من داخل الغرفة تتابع العقيد منار مختار، الضابط في قطاع حقوق الانسان بوزارة الداخلية، مسار البلاغات، تطبيقا لبروتوكول بين المجلس والقطاع، "لا نتابع فقط حالات الاستغلال السياسي، بل كل بلاغات خط نجدة الطفل، ليضبط الجاني طبقا للقانون، ويحصل الضحايا على الرعاية النفسية والصحية، بمساعدات طبيبات نفسيات بالقطاع"، تقول مختار.
وخلال اليوم الأول رصدت الفرق الميدانية التابعة للمرصد، مسيرة كبيرة من السيدات والأطفال بشارع البحر الأعظم بالجيزة حاملين صور المرشح عبد الفتاح السيسى والأعلام المصرية، وهو ما اعتبرته استغلالا للأطفال، فيما رصدت مشاركة الأطفال برفقة ذويهم في الاحتفال والرقص أمام اللجان، ورسم علم مصر على وجوههم، وارتدى بعض الاطفال الذكور بذات عسكرية احتفالا أيضا.
يفرق بدوي بين إستغلال الأطفال سياسيا المخالف لقانون الطفل المصرى والمادة 191 من قانون العقوبات ومادة 2 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وبين احتفال الأطفال مع ذويهم بالانتخابات.
"إستخدام الاطفال حتى ان كان من قبل أهلهم في المسيرات الداعمة للمرشحين، بالسير في المسيرة أو حمل الاعلام أو تعليق الصور على أجسادهم، حتى إن كان هؤلاء الاطفال من أقارب المرشحين، هو استغلال للأطفال، ويعرضهم للخطر فقد تحدث ملاحقات أمنية أثناء هذه المسيرات".
أما وقوف الأطفال مع أهلهم في طابور الانتخاب وحملهم للأعلام أو الرقص معهم أمام اللجنة، ووضع يدهم في الحبر وغيرها، فتعتبرها عزة العشماوي احتفالا، وتراها أمرا يعزز مشاركة الطفل في القرارات التي تؤثر في حياته وتنعكس علي سلوكه بشكل إيجابي، وأنها احد عناصر حماية الطفل وتعريفه بحقوقه.
خلال اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية اليوم، رصدت الفرق الميدانية، استغلال أطفال في الفئة العمرية من "14-17 عاماً" فى مسيرة لالتراس أهلاوى تجوب شوارع وسط القاهرة بمنطقة شارع طلعت حرب مرددين شعارات تندد بالشرطة.
ورصدت الفرق بمنطقة السيدة زينب مشهدا لأطفال شوارع يترددون علي إحدى الشقق بنفس المنطقة للحصول على أطعمة، وعندما اقترب أعضاء الفريق الميداني من الشقة لاحظوا صورا لأحد المرشحين الرئاسيين، وقوبلوا بالعنف من قبل القائمين على توزيع الأطعمة.
كما تلقت الغرفة بلاغاً بوجود سيارة نصف نقل بمنطقة مدينة نصر، أمام دار المدرعات عليها دي جي، تابعة لتيار الاستقلال وتحمل عدداً كبيراً من الأطفال دون السادسة عشر، يرددون هتافات مؤيدة للمرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي .
ورصدت فرق المرصد الذى يشارك فيه قطاع حقوق الانسان بوزارة الداخلية وعدد من الجمعيات الاهلية، وقفة إحتجاجية لعدد كبير من الأطفال بمدينة نصر ينددون بأزمة تصويت الوافدين، ويطالبون بالتيسير عليهم في احراءات الادلاء بأصواتهم. ورصدت مسيرة لجماعة الإخوان المسلمين بقرية العطفة، التابعة لمدينة العياط بالجيزة، مكونة من حوالى 40 شخصا ومعهم عدد من الأطفال ما بين 9- 10 سنوات يرددين عبارات تحث المواطنين على مقاطعة الانتخابات.
تعليقات الفيسبوك