هل تعوق قواعد المركزي الجديدة وصول "الكبار" لقروض البنوك؟

الأربعاء 27-01-2016 PM 04:03
هل تعوق قواعد المركزي الجديدة وصول
كتب:

كتب: محمد جاد

اشتملت القواعد الجديدة للإقراض، التي أعلن عنها البنك المركزي في يناير الجاري، على تخفيض سقف القروض الممنوحة للشركات الكبرى، بما يساهم في دفع القطاع المصرفي لتنويع حافظة قروضه والتوسع في خدمة الشركات الصغيرة، في إطار سياسة حكومية تعمل على تحفيز المشروعات الصغيرة كوسيلة لمكافحة البطالة. فهل تؤثر تلك القواعد على توفير التمويل للكيانات الكبرى المعروفة باعتمادها القوي على التمويل المصرفي؟

خفض البنك المركزي الحد الأقصى للقروض والتسهيلات المسموح للبنوك بإعطائها للعميل الواحد، من نسبة 20% من القاعدة الرأسمالية للبنك إلى 15%، وكذلك الحد الأقصى لمجموع ما يتم منحه للعميل والأطراف المرتبطة به (مثل الشركات التابعة للمجموعات الاستثمارية، وغيرها) من 25% إلى 20 % في القواعد الجديدة.

ويقول باسكال دوفو، المحلل المتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الفرنسي بي إن بي باريبا، لأصوات مصرية، إن "هذه (القواعد) ستضيف قيدا جديدا على (تمويل) القطاع الخاص".

ويشير دوفو إلى أن هذه القواعد تأتي في الوقت الذي تتنامى فيه احتياجات الحكومة للتمويل المصرفي، ورغبة البنوك في تلبية تلك الاحتياجات في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على أذون الخزانة، مما يقلل من فرص القطاع الخاص في الاقتراض.

وتطرح الحكومة بشكل دوري أذون وسندات خزانة كوسيلة من وسائل الاقتراض المتاحة أمامها لسد احتياجاتها التمويلية. ويعد القطاع المصرفي المحلى أحد كبار المتعاملين في هذا السوق. وتتأثر الفائدة على تلك الأذون بتقييم المتعاملين لحجم المخاطر السياسية في البلد.

ويقول محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار هيرميس، إن الفائدة على أذون الخزانة الحكومية شهدت ارتفاعا منذ 2011.

وأوضح دوفو أنه "في 2004-2005 مثلت مستحقات (القطاع المصرفي) لدى الشركات 61% من إجمالي مستحقاته، ولكن في العام الماضي مثلت مستحقات لدى الجهاز الحكومي نسبة 62%".

ولا يقتصر إقبال القطاع المصرفي على تمويل أذون الخزانة الحكومية التي تبيعها الدولة للبنوك لتمويل ديونها المتفاقمة، ولكنه يقبل أيضاً على إقراض الحكومة، حيث تحتاج جهات تابعة للدولة لعقد صفقات اقتراض ضخمة مع البنوك.

وقد بلغت نسبة صافي الدين المحلي الحكومي للناتج الإجمالي حتى سبتمبر الماضي 71%، وفقا لبيانات البنك المركزي.

وفي ديسمبر 2014 وقعت الهيئة العامة للبترول اتفاق قرض مع القطاع المصرفي بقيمة 1.2 مليار دولار، كجزء من مساعيها لاحتواء أزمة تراكم مستحقات شركات النفط الأجنبية لديها، كما أعلنت وزارة الكهرباء في ديسمبر الماضي عن اتفاق قرض للقابضة للكهرباء بقيمة 10 مليارات جنيه لتمويل محطات الكهرباء الجديدة التي ستنشئها شركة سيمنس في مصر.

ويقول يوسف بشاي، مدير تغطية العملاء المصريين ببنك بي إن بي باريبا، إن "بعض القروض الحكومية الضخمة تصدر بضمان من وزارة المالية، وقد أصدر محافظ المركزي تعليمات شفاهية للبنوك بأن القروض التي تحظى بهذه الضمانات لن تطبق عليها قواعد الإقراض الجديدة".

إلا أن محلل الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرميس، محمد أبو باشا، يرى أن القواعد الجديدة جاءت في وقت يشهد هدوءا في وتيرة النمو الاقتصادي، مما يقلل من حجم طلب القطاع الخاص على القروض، "خطوة المركزي الأخيرة تأتي بعد مرحلة من تباطؤ معدلات الإقراض خلال السنوات الأخيرة مما يقلل من آثارها".

كما يشير أبو باشا أيضا إلى أنه في ظل ارتباط سقف الإقراض بالقاعدة الرأسمالية للبنك فإن فرص الإقراض ليست محدودة في الوقت الحالي، حيث تشهد الفترة الحالية "نمو القاعدة الرأسمالية للبنوك في ظل ارتفاع ربحيتها، لعدة أسباب من أهمها ارتفاع فائدة أذون الخزانة الحكومية التي تستثمر فيها البنوك منذ 2011".

يشير دوفو أيضا في هذا السياق إلى أن قواعد الإقراض الجديدة ستؤثر فقط على الشركات الكبرى، ولكنه يقول "أعتقد أن هذه الشركات الكبيرة تستطيع توفير القروض (عبر تنويع مصادر تمويلها) من بنوك محلية وأجنبية عدة".

كما تستطيع الشركات الكبرى، التي ستواجه مشكلة سقف الاقتراض الجديد، أن تعتمد على مصادر للتمويل من خارج القطاع المصرفي، حسبما يقول أبو باشا، "االشركات الكبرى تستطيع أن تلجأ لسوق السندات".

وأضاف "ربما تشكل القواعد الجديدة تحديا لبعض الشركات إذا استعاد الاقتصاد وتيرة النمو القوي لذا يجب أن نعمل من الآن على تطوير سوق السندات".

وبالرغم من ضخامة حجم التزامات المديونيات على بعض الشركات الخاصة، إذ تتجاوز المليار جنيه في بعض الحالات، لكن بنك الاستثمار بلتون قال، في تقرير له عن قواعد المركزي الجديدة، إن البنوك التي تغطيها بلتون كانت تلتزم بحد أقصى لإقراض العملاء الكبار يقل عن الحد الذي كان مفروضا قبل التعديلات الأخيرة.

وتقديرات بلتون مبنية على مناقشاتها مع تلك البنوك، ولكن البنوك المقيدة في البورصة لا توفر بيانات مفصلة عن عملائها الكبار، كما لا تتيح البنوك غير المقيدة في سوق المال هذه البيانات أيضا.

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys