لماذا لا ترى ستاندرد آند بورز أحوال الاقتصاد المصري "إيجابية"؟

الأحد 15-11-2015 PM 05:41
لماذا لا ترى ستاندرد آند بورز أحوال الاقتصاد المصري
كتب: محمد جاد

بعد أيام قليلة من رفع البنك المركزي لقيمة الجنيه المصري في مواجهة الدولار، بعشرين قرشا، والذي يعد مؤشرا إيجابيا حول أوضاع الاقتصاد، أعلنت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز عن تعديل رؤيتها لاقتصاد البلاد من ايجابية لمستقرة، فيما يعكس رؤية حذرة للمستقبل بعد توقف المساعدات الخليجية.

وتقول الوكالة في تقريرها، الصادر مساء الجمعة، إن ضغوط توفير التمويل الأجنبي ستظل مستمرة كما أن اجراءات تقليص الدعم والأجور المرتقبة في الفترة المقبلة تأتي في ظل استقرار اجتماعي- سياسي يتسم بالهشاشة.

وتواجه مصر ضغوطا تمويلية خاصة مع توقف المساعدات الخليجية التي ساندت البلاد بقوة منذ أحداث 30 يونيو 2013.

 وتظهر مخاوف الوكالة من تلك الضغوط بشكل واضح في مؤشرها عن صافي الالتزامات الخارجية، التي تشمل المستحقات المالية على القطاعين العام والخاص تجاه العالم الخارجي، كنسبة من النقد الأجنبي المتدفق إلى البلاد. فهذا المؤشر كانت نسبته 60.8 بالمئة في 2011، واستمرت في النمو الى 100 بالمئة في 2014، وتتوقع الوكالة أن تتضاعف هذه النسبة تقريبا الى 193 بالمئة في 2018.

ويفسر محللون مثل محمد أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي بالمجموعة المالية هيرمس، تزايد الالتزامات الخارجية باحتياج البلاد لاستيراد الطاقة ومعدات الانتاج لاستعادة وتيرة النمو الاقتصادي، كما قال في تصريحات سابقة لأصوات مصرية.

 وتقول الوكالة أنه بالرغم من حرص دول الخليج على مساندة مصر بسبب أهميتها الاستراتيجية في المنطقة فإن الضغوط التي تواجهها هي الأخرى ربما تؤثر على قدرتها على دعم البلاد خاصة في مجال المساعدات.

 وبحسب بيانات وزارة المالية فقد تدفقت على مصر منح تبلغ 95.9 مليار جنيه خلال العام المالي 2013-2014، وهو العام الذي شهد ذروة تدفق المساعدات لمصر خاصة من السعودية والإمارات، والتي شملت مساعدات مالية وبترولية، وتراجعت بعده هذه المساعدات تدريجيا.

 ويواجه الخليج ضغوطا اقتصادية في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط منذ النصف الثاني من 2014.

 وبحسب بيان لصندوق النقد عن دول مجلس التعاون الخليجي، صدر هذا الشهر، فإن انخفاض أسعار النفط ساهم في تدهور الموزاين المالية والجارية بالمنطقة بشكل حاد، متوقعا تباطوء النمو في تلك الدول إلى 3.2% و2.7% في عامي 2015 و2016 على التوالي، مقارنة بـ3.4 بالمئة في 2014.

رغم ذلك يحمل تقرير ستاندرد اند بورز عن مصر العديد من المؤشرات الايجابية عن المستقبل الاقتصادي للبلاد، إذ تتوقع الوكالة أن يكون متوسط النمو الاقتصادي في الفترة من 2016-2018 عند 4 بالمئة، مقارنة بمتوسط 2.1 بالمئة بين 2011-2014.

وترهن الوكالة توقعاتها تلك بقوة الاستهلاك المحلي والاستثمار، إذ تقدر أن النمو الحقيقي للاستثمار سيتراوح بين 6-4 بالمئة من 2015 حتى 2018، مقارنة بـ1.4 بالمئة في 2014، خاصة مع التفاؤل باكتشاف "إيني الإيطالية" لحقل الغاز الجديد زهر والذي سيدعم الإستثمار في البلاد.

وتؤكد ستاندرد اند بورز في تقريرها على تقديرها للإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة مؤخرا للسيطرة على عجز الموازنة، كما تعتبر الوكالة أن هذه الإصلاحات تأتي في ظل استقرار سياسي تعيشه البلاد منذ تولي عبد الفتاح السيسي لمنصب الرئاسة.

 ولا شك أن بعض الإصلاحات التي تراهن عليها الوكالة مثل تخفيض الأجور الحكومية لم يكن ليتحقق بدون استقرار اجتماعي، اذ تٌظهر بيانات الموازنة العامة لعام 2015-2016 أن مخصصات الأجور الحكومية سجلت أقل معدل للنمو في هذا العام مقارنة بنمو الإنفاق الفعلى على هذا البند منذ انتفاضة 25 يناير.

 ولكن الوكالة تحذر من أن " التحسن الأمني والاجتماعي-السياسي" في مصر "لازال هشا" في ظل الصدام الجاري بين الدولة وانصار الاخوان والمتطرفين في سيناء.

ولا تقدم ستاندرد آند بورز بشكل مفصل رؤيتها حول إمكانية أن يؤثر أي اضطراب اجتماعي على نجاح الحكومة في تطبيق المزيد من الإجراءات المالية المؤلمة اجتماعيا، خاصة بعد الاحتجاجات العمالية ضد قانون الخدمة المدنية الذي خفضت بمقتضاه موازنة الأجور هذا العام.

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys