مدينة عمالية مصرية يسودها التوتر قبل احتجاجات مناهضة لمرسي

الأربعاء 26-06-2013 AM 08:27
مدينة عمالية مصرية يسودها التوتر قبل احتجاجات مناهضة لمرسي
كتب:

في مدينة المحلة الكبرى العمالية بدلتا النيل في مصر.. ثمة نقص في الوقود.. وفي الصبر أيضا.

تنظم قوات الأمن المصرية سائقي السيارات الذين يمكن ان يقضوا وقتا طويلا من اليوم في الطابور. وفي حين يتبادل بعض السائقين اللوم وتكثر المشاجرات يتفق أغلب سكان المدينة الصناعية على السبب الاساسي: الرئيس محمد مرسي.

وقال محمد اسماعيل البالغ من العمر 58 عاما والذي كان ينتظر منذ سبع ساعات لتزويد شاحنته بالسولار. "الوضع فظيع منذ تولى مرسي السلطة." وهتف أحد المارة "ربنا يخرب بيته" وهي عبارة تكرر سماعها في المشاهد الفوضوية التي أصبحت من ملامح الحياة اليومية.

وقد عاد التوتر مرة اخرى الى المحلة احدى اكثر المدن المصرية اضطرابا. فسكانها الساخطون يسوقون نقص الطاقة والركود الاقتصادي والحنث بالوعود والتراخي الامني كأسباب لوجوب إزاحة الرئيس المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين من السلطة عن طريق مظاهرات من المقرر ان تبدأ يوم الجمعة وحتى الاحد وهو اليوم الرئيسي للاحتجاجات.

وبعد عام على وصول مرسي الى السلطة ربما تبدو بعض الشكاوى مألوفة للزعماء المنتخبين ديمقراطيا في دول اخرى. لكن مرسي يواجه تحديا اضافيا وهو ان الروح الثورية لا تزال تعتمل بعد نحو عامين ونصف من الاطاحة بحسني مبارك.

وهذا مصدر ازعاج لمرسي وداعميه الاسلاميين والجيش صاحب النفوذ. ودعا الجيش الذي يحاول ان يبقى على الحياد الفرقاء السياسيين للوصول الى توافق محذرا من انه سيتدخل اذا تفاقم الصراع.

اما القوى الخارجية ومنها الولايات المتحدة التي تساعد في تمويل الجيش فتتابع بقلق.

في المحلة حيث تحدى المحتجون مبارك مرارا في السنوات التي سبقت انتفاضة 2011 يبدو العمال والنشطاء واثقين من ان هذه هي الايام الاخيرة لمرسي في السلطة.

وقالت جيهان معلاوي التي تبلغ من العمر 29 عاما وهي واحدة من عدة مئات من العمال الذين خرجوا من اكبر مصنع للنسيج في المدينة يوم الثلاثاء في مسيرة ضد مرسي "سنخرج كل يوم حتى نطيح به". وهتف المشاركون في المسيرة "ارحل ارحل ارحل".

وتحول الغضب الى العنف. فالمدخل المؤدي لمقر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين بالمحلة أُلقيت عليه قنابل حارقة هذا الاسبوع.

وتتجاوز الشكاوى الاقتصاد. فقرار مرسي تعيين أعضاء من جماعته كمحافظين لعدد من المحافظات المصرية أشعل شرارة اشتباكات اصيب فيها نحو عشرة الاشخاص. ويقول المعترضون على هذه التعيينات انها تأتي في اطار استيلاء الاخوان على السلطة للابد.

وسخرت جماعة الاخوان التي كانت محظورة ابان انتفاضة 2011 من الحديث عن ثورة تلوح في الافق. وتقول ان الدعوات لتجمعات حاشدة للاطاحة بمرسي اصبحت امرا مألوفا. وقال ممدوح المنير وهو متحدث باسم الحرية والعدالة "ستكون هذه (المظاهرة) الخامسة والعشرين ولن تكون الاخيرة."

ويقول ان الفساد هو السبب في تشكل طوابير المركبات امام محطات التزود بالوقود ومنها طابور من 100 مركبة يمر امام مكتبه. وتخصص الدولة ما يزيد على احتياجات المدينة من الوقود لكن السولار المدعوم يباع في السوق السوداء.

وقال "الامر برمته مؤامرة لخلق ازمة" منحيا باللائمة في هذه الضجة على "الفلول" في اشارة لذيول نظام مبارك. لكن الاخوان بدأوا في استخدام الكلمة على نطاق واسع لوصف معارضيهم بعد شعورهم بأن المشكلات تحوطهم من كل ناحية.

وعدد المنير مشكلات اخرى ايضا ومنها تراخي قوة الشرطة التي قال انها غير راغبة في المساعدة على استعادة القانون والنظام وما وصفه بالتخريب من جانب بعض مسؤولي الدولة. واضاف "معظم المواطنين يفهمون ان التحديات تحتاج وقتا."

وكانت المحلة لوقت طويل من معاقل الدعم للاخوان المسلمين. ودشن مرسي حملته للانتخابات الرئاسية من الملعب الرياضي بالمدينة العام الماضي. لكن بعد ذلك اعطى سكانها أصواتا لاحمد شفيق آخر رئيس وزراء لمبارك اكثر من التي اعطوها لمرسي مما يشير الى تراجع الحظوظ السياسية للجماعة.

وكان كثير من المشكلات التي يعاني منها المصريون مثل نقص الوقود وتراخي الشرطة على سبيل المثال من سمات الفترة التي حكم فيها الجيش البلاد واستمرت 18 شهرا قبل انتخاب مرسي. لكن ينصب التركيز اليوم على فشل الاخوان في حلها.

وقال احمد حلمي الذي يبلغ من العمر 38 عاما وهو عامل في مصنع نسيج بالمحلة "كان لدينا امل لكنني الان اشعر بالندم لتصويتي لهم بسبب الوعود التي لم توف. سنخرج في 30 يونيو لايجاد حل لهذه المهزلة. الاولوية الاولى هي الدخل والامن: لا يمكننا الخروج دون الخوف من التعرض للسرقة."

ويعاني المصنع الذي يعمل به وينتج مناشف للتصدير من نقص الطاقة الذي يؤثر على الاقتصاد بصورة اوسع. مالك المصنع عزت القليني يتذمر من عدم استطاعته الحصول على سولار كاف لتشغيل ماكيناته المتوقفة عن العمل بينما يؤثر انقطاع الكهرباء على الانتاج ويقضي على اي فائدة قد تأتي من انخفاض سعر الجنيه لمستوى قياسي امام الدولار.

وتفاخر بوجود رسوم مناهضة للاخوان على جدار في مصنعه. ويعتزم اعطاء العمال وعددهم 150 اجازة مدفوعة الاجر للمشاركة في الاحتجاجات يوم الاحد.

وقال القليني الذي صوت لشفيق في انتخابات العام الماضي "سنخرج وسنسقط مرسي."

وصناعة النسيج من اكثر الصناعات استيعابا للايدي العاملة في مصر لكن احمد الشعراوي وهو زعيم صناعي في المحلة حيث يعمل نحو نصف مليون شخص في هذا القطاع قال ان المصانع تعمل بنصف طاقتها.

واضاف ان الانتاج تضرر بسبب التهريب من ليبيا محملا حكومة مرسي المسؤولية لفشلها في مواجهة المشكلة او وضع اي سياسات حاسمة لاحياء القطاع. وقال "هم هواة ومشغولون بأشياء غير الاقتصاد.. هم مشغولون بتوطيد انفسهم في السلطة."

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys