كتب : محمد جاد
يربط البعض بين تدهور الأوضاع الاقتصادية في السنوات الأخيرة وبين ثورة يناير، لكن مسار الأحداث خلال السنوات الخمس الماضية لم يكن حتميا، كما يظهر بالعودة لتوقعات المؤسسات الدولية ورجال الأعمال في العالم في عام الثورة.
فقد كان هناك تفاؤل بمستقبل الاقتصاد المصري بعد الثورة، بالرغم من الاضطرابات التي تلتها، باعتبار أنها تفتح الباب لإصلاح الاقتصاد وتحجيم الفساد، وبالتالي جذب الاستثمارات.
واعتبر صندوق النقد الدولي في 2011 أن "الثورة يمكن أن تطلق الفرص الضخمة للاقتصاد المصري" كما جاء في رد مسؤولة بالصندوق على سؤال عن "آفاق الاقتصاد المصري بعد الثورة"، في حوار منشور على موقع المؤسسة الدولية.
وقالت راتنا ساهاي، نائب مدير الصندوق للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إن إطلاق فرص الاقتصاد المصري ترتبط بأن يصبح نموه أكثر شمولا وقدرة على استيعاب الفقراء، وأن يتسم بالشفافية ودعم الحوكمة، بجانب الإدارة الجيدة للاقتصاد.
وفي السياق ذاته، قال البنك الدولي، في بيان في أبريل 2011، إن "المشاركة الأكبر للمواطنين والإدارة الأفضل أمرا حاسما للتنمية الاقتصادية".
وعكست ورقة بحثية لمركز كارنيجي، صدرت في يوليو 2011، احتفاءه بالامكانيات التي تستطيع أن تطلقها الثورة، حيث اعتبر أن "الثورة المصرية نقطة تحول تستحق الاحتفال .. الحكومة المصرية الجديدة يمكن أن تنشيء منظومة أفضل للإدارة والشفافية والمحاسبة لضمان أن الفرص الاقتصادية لن تعتمد بشكل رئيسي على العلاقات الاقتصادية".
ورأى مستثمرون آنذاك أن الثورة قد تكون دافعا لجذب الاستثمارات حيث نقلت وكالة رويترز عن أحد رجال الأعمال المشاركين في منتدى دافوس قوله "لو كان الربيع العربي انطلق منذ خمس أو ثماني سنوات مضت، لرأينا معظم الشركات الدولية تعمل في هذه المنطقة".
ونقلت الإيكونوميست، في تقرير لها في أغسطس من عام الثورة، رغبة مؤسسات الأعمال الأجنبية في مساعدة الثورة المصرية، "البنوك التنموية الأجنبية حريصة على المساعدة في إنجاح الديمقراطية"، وأشارت في هذا السياق إلى تمويلات تدفقت على مصر من البنك الدولي، وبنك التنمية الأوروبي لتمويل مشروعات.
كما قالت الإيكونوميست إن "الثورة قد تجعل مصر أكثر ازدهارا إذا ما أدت إلى تقليل الفساد وبناء مؤسسات أقوى ... وشعب أكثر دافعية".
وقال رجال الأعمال أحمد هيكل، رئيس مجلس إدارة شركة القلعة، لمجلة الإيكونوميست في تحليل نشرته عن مصر في شهر يونيو من عام الثورة، إنه "إذا سارت الأمور بشكل صحيح، من الممكن أن نكون تركيا خلال عشر سنوات".
ونقل التحليل البريطاني حالة التفاؤل بمستقبل مصر بعد خلع مبارك، ولكنه تفاؤل مشوب بالحذر من الوضع السياسي القائم آنذاك، وعبرت الصحيفة عن ذلك بقولها إن "عدم اليقينية السياسية موجود في كل مكان".
إلا أن السنوات التالية للثورة شهدت اضطرابات ومسارات دفعت بالاقتصاد المصري لتباطوء، حيث كانت معدلات النمو خلال السنوات التي تلت الثورة تدور حول مستوى 2%، حتى بدأت في الارتفاع خلال العام المالي الماضي، 2014-2015، إلى 4.2%.
وكانت مساعدات الخليج لمصر بعد أحداث 30 يونيو 2013 محطة تحول مهمة لمساندة مؤشرات الاقتصاد المتداعية، حيث بلغ إجماليها في 2013-2014 نحو 16.7 مليار دولار، وساهمت خلال العامين الماضيين في مساندة احتياطي مصر من النقد الأجنبي، وتوفير احتياجاتها من المواد البترولية.
وتفاءلت مؤسسات التصنيف الائتماني بمساندة الخليج خلال السنوات الأخيرة، لكنها ظلت قلقة بسبب أوضاع البلاد السياسية.
واعتبرت ستاندرد آند بورز في تقرير صدر عن مصر خلال 2013 أن الانتخابات الرئاسية التي أعقبت أحداث 30 يونيو "من المرجح ان تفتقد للشرعية في نظر قطاع معتبر من المواطنين".
ومع التراجع التدريجي للمساعدات الخليجية استمرت المخاوف بشأن آفاق الاقتصاد المصري، خاصة وأن احتياطيات النقد الأجنبي أصبحت تغطي نحو 3 أشهر فقط من الواردات، في مقابل 8.6 شهر في 2010.
وقالت ستاندرد آند بورز في تقرير أخر صدر في نوفمبر الماضي إن ضغوط توفير التمويل الأجنبي ستظل مستمرة في مصر.
كما أشارت الوكالة إلى المخاطر المحدقة بخطة الحكومة لتطبيق إصلاحات اقتصادية تساعد في السيطرة على عجز الموازنة، مثل تقليص الدعم والأجور، معتبرة أن تطبيقها سيأتي في ظل "استقرار اجتماعي- سياسي يتسم بالهشاشة."
تعليقات الفيسبوك