قال مسؤولون بالجيش المصري وشهود عيان إن مصر شنت غارات جوية قرب حدودها مع إسرائيل اليوم الأربعاء وداهمت قواتها قرى مع بدء حملة استهدفت متشددين إسلاميين يلقى باللوم عليهم في هجوم على قوات حرس الحدود المصرية.
وأعربت اسرائيل التي سبق ان حثت مصر على التعامل مع تهديد متزايد على حدودها الجنوبية عن موافقتها على التمشيط الأمني وهو أكبر هجوم عسكري في المنطقة منذ حرب عام 1973 بين مصر واسرائيل.
وأعقبت الغارات الجوية حول بلدة الشيخ زويد على بعد عشرة كيلومترات من قطاع غزة اشتباكات دارت الليلة الماضية بين مسلحين وقوات الأمن عند عدد من نقاط التفتيش في شمال منطقة سيناء المصرية.
وقتل مسلحون 16 من أفراد حرس الحدود يوم الأحد في أعنف هجوم على قوات الأمن في شبه جزيرة سيناء منذ وقعت مصر معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979. واقتحم المسلحون الحدود مع اسرائيل حيث قتلوا بنيران اسرائيلية في نهاية الأمر.
وحاول الرئيس المصري الجديد محمد مرسي وهو إسلامي معتدل تولى السلطة في يونيو حزيران التهدئة من مخاوف اسرائيل بالتعهد ببسط سيطرة الحكومة على سيناء بعد ان اطاحت انتفاضة شعبية بسلفه حسني مبارك العام الماضي. لكن مرسي عمل أيضا على تقارب مصر وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) التي تحكم غزة مما جعل هذه فترة حساسة في العلاقات بين اسرائيل ومصر.
وتوجد معاقل المتشددين في شمال سيناء بعيدا عن منتجعات البحرالاحمر الى الجنوب التي يرتادها سياح اجانب وتعتبر شريان حياة لاقتصاد مصر الذي يجاهد للخروج من الازمة.
ووعد الجيش المصري الذي حافظ على السلام مع اسرائيل تحت حكم مبارك وما زالت له سلطة كبيرة في شؤون الأمن القومي بالرد على مقتل جنوده في هجمات الأحد واستعان بنحو 500 جندي وشرطي اضافيين.
لكن لم تبدأ الحملة سوى مساء يوم الثلاثاء بعد ان فتح مسلحون النار على عدد من نقاط التفتيش في مدينة العريش وهي المركز الامني والإداري لشمال سيناء. كما هاجم مسلحون نقاط تفتيش في رفح حيث المعبر المصري إلى قطاع غزة على الحدود بين مصر وإسرائيل.
وقال شهود في بلدة الشيخ زويد أنهم رأوا طائرتين عسكريتين تحلقان فوق المنطقة وسمعوا دوي انفجارات صباح اليوم الأربعاء. وقال آخرون قرب البلدة إنهم رأوا قصف ثلاث سيارات. وقالت قيادة القوات المسلحة المصرية إن قوات برية وجوية بدأت في استعادة الاستقرار في سيناء.
وقالت ان قواتها تمكنت من تنفيذ الخطة بنجاح وانها ستواصل التنفيذ. ودعت القبائل والعشائر في سيناء إلى التعاون من اجل تحقيق الأمن. وأبلغ قادة عسكريون في سيناء رويترز ان القوات دخلت قرية التومة قرب الشيخ زويد على بعد 20 كيلومترا الى الجنوب في إطارالعملية بعد أن تلقى الجيش معلومات عن أن إسلاميين متشددين يقيمون هناك.
وقال احدهم ان 20 مسلحا قتلوا. وقال احد المزارعين انه شاهد طائرات هليكوبتر حربية تلاحق عربات خارج التومة وسمع اصوات صواريخ. وقال ان الرجال في السيارات اطلقوا النار على الطائرات من بنادقهم الألية. وقال لواء بالجيش في التومة ان طائرات الهليكوبتر دمرت ثلاث حافلات صغيرة حاول مسلحون الفرار فيها.
وتركز الرد العسكري الفوري على الشيخ زويد وهي بلدة شيدت مبانيها بالطوب اللبن وتعتمد بشدة على تهريب البضائع والأفراد عبرالانفاق المتصلة بغزة منذ انسحاب اسرائيل من القطاع.
وقالت الحكومة المصرية ان المسلحين الذين نفذوا هجوم الأحد وصلوا الى الأراضي المصرية عبر أنفاق غزة وتحركت السلطات أمس لاغلاقها. واتهمت اسرائيل مرارا جهاديين فلسطينيين بالمجيء من غزة الى مصر للعمل مع متشددين في سيناء لمهاجمة الحدود الاسرائيلية.
وفي اغسطس أب الماضي قتل متسللون مسلحون ثمانية اسرائيليين على الحدود المصرية. وقال عاموس جلعاد المسؤول الاسرائيلي الرفيع في وزارة الدفاع لراديو اسرائيل اليوم "ما نراه في مصر هو غضب كبير وعزم من جانب النظام والجيش على الاهتمام بالمسألة وفرض النظام في سيناء لأن هذه هي مسؤوليتهم."
وكانت حكومة مبارك تتعاون عن كثب مع اسرائيل لتأمين المنطقة الحدودية حتى أطيح به في انتفاضة شعبية قبل 18 شهرا. ومهدت الانتفاضة الطريق لأول انتخابات رئاسية حرة في مصر والتي أسفرت عن انتخاب الرئيس الإسلامي مرسي الذي لم يختبر بعد التزامه بالتعاون مع إسرائيل.
وخفف مرسي من أهمية خلفيته الاسلامية بوعد بخدمة كل المصريين لكن خصومه السياسيين سارعوا إلى تسليط الضوء على علاقاته بحماس كمثال على تضارب للمصالح بينما الامن القومي على المحك.
وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد ان الموقف سيجبر ادارة مرسي على تعزيز التعاون الأمني مع اسرائيل وهي خطوة كان يأمل في تفاديها كما سيضطر إلى فرض قيود على علاقاته مع حماس.
وقال اسماعيل هنية رئيس وزراء حماس في قطاع غزة انه ليس هناك ما يشير إلى ان فلسطينيين من غزة شاركوا في اعمال العنف الاخيرة. وتحتاج الحكومة المصرية لتوطيد قبضتها على القرى في المنطقة إلى ولاء البدو الغاضبين بالفعل مما يعتبرونها معاملة غير عادلة وتنطوي على تهميش من جانب الدولة.
ويقول سكان ان معظم المسلحين من البدو ايضا ويعيشون إلى جانب اهلهم لكنهم يصفونهم بالكفر لأنهم لا يتبنون نفس الافكار الاسلامية المتشددة التي يعتنقونها.
ويقول سكان ان الجهاديين المسلحين - واغلبهم يعيش في محيط الشيخ زويد ورفح - يعودون إلى ديارهم بعد هجمات كر وفر على قوات الأمن دون خوف من سقوطهم في ايدي السلطات ويقولون ان العاداتالقبلية تحث على التضامن ضد الغرباء.
ويعيد هذا التمشيط ذكريات سيئة عن اعمال اعتقال واسعة بعد تفجير مناطق سياحية في جنوب سيناء في 2003 و2005. وقال السياسي الاسلامي السلفي محسن ابو حسن من الشيخ زويد ان السكان المحليين في سيناء متعاونون لكن تكرار هذه الأعمال من الممكن أن يثير غضبهم ولا يمكن توقع رد فعلهم.
تعليقات الفيسبوك