يرى باحث مصري أن اقتصاد بلاده سجل في عهد الرئيس السابق حسني مبارك أسوأ أداء منذ ثورة عام 1952 بسبب الفساد والغلاء وسياسة الخصخصة.
ويقول أحمد السيد النجار في كتابه "الانهيار الاقتصادي في عصر مبارك.. حقائق الفساد والبطالة والغلاء والركود والديون" إن الأداء الاقتصادي في السنوات الأخيرة لمبارك مهد "الطريق إلى الثورة" التي اندلعت يوم 25 يناير كانون الثاني 2011 وتمكنت بعد 18 يوما من إنهاء حكمه الذي استمر 30 عاما.
ويسجل أن تلك السنوات شهدت "مستوى غير معهود من اضطراب الخدمات العامة التي تمس حياة الناس" مثل انقطاع الكهرباء ونقص مياه الشرب وتلوث مياه نهر النيل نظرا لإلقاء مياه الصرف الصناعي والزراعي "وأحيانا الصحي" دون محاسبة.
وصدر على مبارك اليوم السبت حكم بالسجن المؤبد بتهم تتصل بقتل متظاهرين في الاحتجاجات الشعبية التي أنهت حكمه.
ويقول الباحث إن سياسة الخصخصة التي انتهجتها حكومات مبارك أدت إلى ما هو أسوأ من نمو طبقات طفيلية وهو "انحدار جزء من مصاف الطبقة الوسطى" نحو الفقر بعد تعرض هذه الطبقة التي تعد الأكثر تعليما ومحافظة "للسحق اقتصاديا" نتيجة سوء توزيع الدخل.
جاء ذلك في طبعة جديدة مزيدة من كتاب النجار الذي صدرت طبعته الأولى عام 2005 خلال حكم مبارك. وصدرت الطبعة الجديدة عن المجلس الأعلى للثقافة التابع لوزارة الثقافة المصرية ويقع في 545 صفحة كبيرة القطع.
والنجار خبير اقتصادي له كتب منها "الاقتصاد المصري من تجربة يوليو (1952) إلى نموذج المستقبل" ونال جائزة الدولة التشجيعية في الاقتصاد عام 1999 عن كتابه "دور المساعدات الخارجية لإسرائيل 1948-1996.. بناء دولة".
ويقول النجار في كتابه إن السنوات الأخيرة لحكم مبارك سارت فيها الأمور "من سيء إلى أسوأ فيما يتعلق بالفساد والبطالة وسوء توزيع الدخل" في حين أن النظام الجمهوري كان يهدف عند تأسيسه بعد ثورة يوليو تموز 1952 للقضاء على النظام الملكي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويصف معايير خصخصة الشركات مثلا بأنها كانت تمثل "الفساد المنهجي" الذي يتمثل في تقييم أصول هذه الشركات حيث كانت تباع بنحو ثلاثة بالمئة من سعر الأرض المقامة عليها مستشهدا بفندق مقام في جزيرة بنهر النيل في العاصمة وتبلغ مساحته 21 ألف متر مربع.
ويقول إن هذا الفندق عرض للبيع عام 1993 وكان سعر المتر لا يقل عن 30 ألف جنيه مصري أي أن قيمة الأرض وحدها تساوي 630 مليون جنيه (أكثر من 185 مليون دولار بأسعار ذلك العام) ولكنه بيع "إلى أمير سعودي" بمبلغ 75 مليون دولار.
ويرى أن الثمن الذي بيع به الفندق لا يتجاوز قيمة الأرباح الصافية لتشغيله في أربع سنوات.
ويسجل أن بيع كثير من الفنادق والشركات والأراضي تم "بلا مبرر وللفساد" وأن عملية الخصخصة أدت إلى خوف الطبقة الرأسمالية المصرية التقليدية من المبادرة بعد أن اتجهت لشراء مشروعات جاهزة ولها سوق فعلية ولهذا لم يحدث تراكم "لخبرات استثمارية ملهمة للقطاع الخاص" ويعتبر ذلك من سمات الفساد أيضا.
ويقارن بين مصر عام 1952 ومصر قبل خلع مبارك قائلا إن ثورة 1952 وضعت 18 قرشا حدا أدنى للأجر يوميا موضحا أن المبلغ كان يشتري نحو 1.5 كليوجرام من اللحم في الريف ونحو 1.2 كيلوجرام من اللحم في المدن مضيفا أن العامل -بافتراض أنه يعمل 25 يوما في الشهر- كان دخله الشهري 34 كيلوجراما من اللحم أي أكثر من 2000 جنيه مصري حاليا.
ويسجل أن الحد الأدنى للأجر عام 2010 بلغ 118 جنيها فقط.
ويخلص إلى جملة استنتاجات منها اضمحلال شريحة الطبقة الوسطى التي تضم نخبة المتعلمين في المجتمع وانضمام الكثير منهم إلى الطبقة الفقيرة.
ويقول النجار إن هذه الطبقة تعرضت للكثير من عمليات النهب المباشر وغير المباشر لأموالها وممتلكاتها فيما يسميه عمليات التلاعب والتحايل من صغار المسثمرين في البورصة أو "من قبل شركات توظيف الأموال المتدثرة برداء الدين والتي استغلت ثقافة الاستثمار لدى العاملين بأجر الذين ينتمون للطبقة الوسطى وبالذات العاملين بالخارج غير المتفرغين لمتابعة استثماراتهم وخاصة من العاملين في المملكة العربية (السعودية) والمتأثرين بالنموذج الوهابي... الذي يربط السياسة والاقتصاد بالدين."
تعليقات الفيسبوك