قال الروائي المصري صنع اللـه إبراهيم إن ثورة يناير، التي تحل ذكراها الثانية بعد أيام، هي انتفاضة ثورية لم تكتمل، وهناك جولات أخرى قبل استكمالها وتحقيقها لأهدافها، وإنها ثورة مستمرة.
وأكد الروائي في حديث لأصوات مصرية أن الثورة حققت مكسبا كبيرا وهو كسر حاجز الخوف، ودرجة واسعة من حرية التعبير في الصحف والقنوات التليفزيونية المستقلة، وكسر موروث ثقافي أكد طويلا فكرة الخوف من السلطة.
وقال إنه لا داعي للإحباط من تعثر الثورة، ويجب التمسك بأهدافها الأساسية التي خرج من أجلها الشعب في 25 يناير، و"استخدام كل الوسائل ومنها مقاومة السلطة الذي لا يعني بالضرورة إسقاطها".
وأضاف "يمكن ممارسة الضغط لاستكمال الثورة، وتبني سياسة النفس الطويل، وقبول كسب جولة وخسارة جولة، وأن تتقدم خطوة وتتراجع خطوة، لا يمكن تحقيق كل شئ بين يوم وليلة".
وأضاف إبراهيم المنتمي لحزب يساري هو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي "أؤيد جبهة الانقاذ الوطني، مع تحفظي على بعض الوجوه، الجبهة دي في المرحلة دي ممكن تتسع لكثيرين وأتمني وجود واضح للشباب الثوري، والظاهرة الغالبة أن الثوار الحقيقيين ليسوا في صدارة المشهد وتتصدره أحيانا أحزاب كرتونية تنتمي للعهد القديم".
وكان الكاتب المصري صنع اللـه إبراهيم، في خطوة احتجاج غير مسبوقة في عهد مبارك، رفض تسلم جائزة "ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي" في نهاية عام 2003، وقال في كلمة أثناء الاحتفال بتسليم الجائزة إن الحكومة المصرية التي تمنح الجائزة "لا تملك مصداقية منحها".
وقال إبراهيم موجها انتقادات حادة لنظام مبارك في كلمة وزعها حينها على المجتمعين "لم يعد لدينا مسرح أو سينما أو بحث علمي أو تعليم، لدينا فقط مهرجانات ومؤتمرات وصندوق أكاذيب، لم تعد لدينا صناعة أو زراعة أو صحة أو عدل، تفشى الفساد والنهب، ومن يعترض يتعرض للامتهان وللضرب والتعذيب. وفي ظل هذا الواقع لا يستطيع الكاتب أن يغمض عينيه أو يصمت، لا يستطيع أن يتخلى عن مسؤوليته".
وقال إبراهيم لأصوات مصرية إن صندوق الأكاذيب -الذي عني به حينها الإعلام والتليفزيون- تغير مالكه الآن، "لكن نفس الأكاذيب تستمر، وتوجيهات بعدم مشاركة أناس بعينها في البرامج، لكن الأمر المهم أن العاملين به أصبحوا أكثر وعيا وجرأة لخوض معارك من أجل حرية الرأي والتعبير والجميل أن معظمهم من النساء".
وأضاف "البلد كلها محتاجة تطهير، وليس تطهير الإعلام فقط الذي يجب أن يبدأ من أعلى "من الوزير والقيادات القديمة المتربحة".
وقال إن "وزارة الثفافة كذلك تحتاج لتطهير البنية التي تركها فاروق حسني الذي كان يضحى بانتظام برجال من مكتبه في قضايا فساد لإبعاد الشبهات عن نفسه، ويقيم مهرجانات وسياسات فارغة من أي محتوى ثقافي".
وقال إنه لم لم يعد يقرأ صحيفة "أخبار الأدب" بعد تغيير قيادتها -وقيادات صحف أخرى مملوكة للدولة- قبل شهور من قبل مجلس الشورى، وقال إن "عملية التغيير مغلوطة، فكيف تعطي لسلطة حتى ولو تشريعية ومنتخبة هذا الحق، وهناك دائما مبررات طريفة للسيطرة".
وقال إنه قبل 25 يناير كان يفكر أن أي نظام مختلف عن نظام مبارك "المدمر" سيكون أفضل، حتى لو جاء الإخوان المسلمين للحكم واختارهم الشعب، وأضاف "اختلف الوضع بعد 25 يناير وكان هناك ظل الحكم العسكري، ولم يبد الإخوان اختلافا في سياساتهم عن نظام مبارك."
وأضاف أن لدي الإخوان نفس التوجهات والفكر الاقتصادي لعهد مبارك، "بل أكثر تخلفا ولا يتجاوز فكر عمل (سوبر ماركت)، ولا توجد حلول، وكذلك هناك عودة للوراء في الخطاب السياسي باستخدام عبارات من قبيل (أهلي وعشيرتي) بل من قبل عهد الجاهلية، اللغة تحمل الأفكار والكلمات لها دلالة، وتعبر عن رؤية تنتمي للماضي".
وتابع أن "ماحدث بعد الثورة هو خروج ما كان يجري في المجتمع إلى السطح، كنا نعرف القليل عن السلفيين وأفكارهم ، لكنهم الآن ظهروا بوضوح، وبينوا تصوراتهم عن شكل الحياة كما يرغبونه، وكل هذا إيجابي يفتح المجال لصراع مشروع بين قوى التقدم وقوى التخلف والرجعية، والصراع يتوقف على دور القوى الثورية."
وعن موقفه من الدستور الجديد الذي أقر في ديسمبر الماضي قال "لو هناك جبرتي جديد يحفظ التاريخ ما يسجله لقال: قامت ثورة عام 2011 وتمخضت عن مهزلة مضحكة شملت تأسيس جمعية تأسيسية ووضع دستور"، وأضاف أن هناك فرصة لإسقاطه ذا الدستور كما تم إسقاط مبارك.
وقال إبراهيم في حديثه اليوم "الغرب يريد نظاما إسلاميا مستأنسا، مصالح الغرب ليس لها ضمير، والإسلام السياسي يتم توظيفه لتحقيق مصالح الغرب، وهو مستعد لذلك، وخصوصا أن بنية الرؤية الاقتصادية للإخوان لا تختلف عن الرؤية الرأسمالية لـ"وول ستريت".
وأضاف "سقطت ورقة التوت عن الأنظمة القديمة المتعاونة مع الغرب، والبديل الذي كان يمكن العمل معه وجلبه للصورة هو التيار الإسلامي كبديل يمكن احتواؤه، وذلك يتم تحت غطاء فكري يدعو للتسامح مع وجود حكم إسلامي "معتدل".
وفي رواياته ومنها رواية "أمريكانلي" ينتقد إبراهيم الهيمنة الأمريكية على العالم العربي. وتمت ترجمة العديد من رواياته إلى لغات عديدة ومنها "ذات" و"اللجنة".
وأكد أن جود التيار الإسلامي في السلطة وفي العلن يمكن أن يتيح له التعامل مع تيارات أخرى ومع احتياجات المجتمع الحقيقية، ويطور أفكاره ومواقفه، ومازلت أعتقد في ذلك، لكن كل ما أراه حتى الآن هو العكس ،كما تبين لغة الخطاب وحركة الإسلاميين في الشارع.
وقال إن "لغتهم ليس لهاعلاقة بالعصر، كيف يخاطب الرئيس شعبه قائلا (أهلي وعشيرتي) في سنة 2012، حتى الرئيس السادات كان متقدم عنهم شوية وبيقول شعبي وبلدي".
ويضيف أن "حركتهم في الشارع تتصدرها العقلية التخوينية الانفرادية المتعصبة التي لا ترى غير نفسها، اعتداء الاتحادية واعتصام مدينة الانتاج الإعلامي وتكرار العدوان على الثوار والمحاولات الدؤوبة للسيطرة على مفاصل الدولة والإعلام والصحافة."
ويرى إبراهيم أن "وجود الأغلبية لا يعني سيطرتها على كل شئ بهذا الشكل المباشر، الطريقة اللي بتتم بها لا تبشر بخير، والقول بأن ذلك ضروري لتنفيذ برنامج ما لا يكفي فنحن لا نعرف شيئا عن هذا البرنامج، لو نعرف البرنامج ده ممكن نتفهم، لكن مايسمى ببرنامج النهضة كلام إنشائي، ولا وجود مثلا لحديث عن حد أدنى وأقصى للأجور".
وقال إبراهيم - الذي يشرف كمتطوع على دار للنشر ذات طابع يساري أسسها صديقه الصحفي الراحل محمد يوسف الجندي- إنه "لم يتحقق مطلب العدالة الاجتماعية بل تدهور وضعها، وأنا أنتمي لشريحة من الطبقة الوسطى وأعاني من تدبير وسائل المعيشة، وارتفاع الأسعار".
وقال إن لديه مشروعا لفيلم عن رواية "شرف"، متعثر بسبب عدم اكتمال الميزانية المطلوبة، وتتعرض الرواية لحياة السجون والمسجونيين بالإضافة إلى "مافيا" شركات الدواء العالمية.
تعليقات الفيسبوك