البعض لا تحب أن تراهم عن قرب ولا تحب أيضا أن تراهم بوضوح، وللأسف الشديد أن كاميرات التصوير سواء المحمولة داخل الموبايل أو المتوفرة في الأسواق أو الخاصة بقنوات التلفزيون أصبح معظمها له تقنية نقاء عالية الجودة أو كما يطلق عليها (هاي ديفنشن).
تنقل لك هذه العدسات تفاصيلا عن الفرد دون أن يقصد فهي شديدة الوضوح فيمكن أن تلاحظ بسهولة بعض الشيب الذي لم تفلح صالونات التجميل في مداراته، أو ندبة من زمن بعيد لم يجد لها جراح التجميل حلا نموذجيا، أو آثار حقن زائد لمواد مالئة لمقاومة التجاعيد، كل هذا أصبح حديثا للعديد منا أمام شاشات التلفزة، بعد تراجع شديد في جودة المادة الإعلامية المطروحة .
ولكن ما الجديد؟ هل الكاميرات ذات التقنية العالية فقط هي السبب أم أن الوضوح الزائد كشف أن الوجوه كان أفضل لها أن تظل غائمة مبهمة بعض الشيء بعيدة بمسافات تسمح بوجود الأخطاء؟، فالبعض وهم غير واضحين أفضل لهم كثيرا، فالعيون الواضحة تحتاج جدا أن تكون صادقة وطيبة كي تشاهدها عن قرب عدة مرات، وحركات الفم يجب أن يصدقها القلب كي تكون عابرة للذهن. والجمل المكتوبة مسبقا لابد لها من ملكة إلقاء كي تولد معنى حسيا غير المعنى اللفظي المكتوب .
المساحيق الزهيدة لا تداري الملامح اللئيمة، والأضواء الزائدة عن الحاجة تفقد قدرتها على الإبهار سريعا مع متحدث كاذب، والإعداد الجيد لا يستطع خلق نجم توك شو، ويزيد الصعوبة أن تكون عدسات الكاميرات ذات جودة عالية فتكشف كل عيوب وجهك الخلقية والخلقية (مرة بضم الخاء ومرة بفتحها) وتكشف أيضا انعدام موهبتك ومالا تريد أن يظهر منك كل هذا يلحظه المشاهد بسهولة .
إذا كنت ممن يظهرون على الشاشات لا تلجأ أرجوك للهاي ديفنشن لأنه يستطيع أن يكشف كل عيوبك مثله مثل الإنسان الصادق الذي لم يكذب قط فيكون شفافا للغاية وأيضا يكون كاشفا للغاية يلمس كل نواقصك ويتركك تسير في صورة تعتقد فيها أن المساحيق تصنع وجهك العظيم.. وجهك القوي.. وجهك الناجح.. وجهك الصبوح.. ولكنها تأتي أمام أفراد قلائل وتفضحك.