مع خالص التقدير والاحترام لشخصى وزيرى التموين السابق محمد على مصيلحى واللاحق محمد على مصيلحى، فإن هذه المصادفة الغريبة بتشابه اسميهما على هذا النحو، تكشف وبغير قصد من أحد عن «أصل البلاء» فى كل تعديل وزارى تشهده مصر منذ ودعت عصر الحكومات الحزبية عام 1952.
فوزير التموين السابق محمد على مصيلحى جاء وسط زفة إعلامية وسياسية صاخبة تتحدث عن «اللواء» الذى جاء ليملأ الوزارة «ضبطا وربطا» بعد أن امتلأت «تسيبا وإهدارا»، ثم جاء أول تعديل وزارى قبل ان يمر على الرجل فى الوزارة 7 أشهر، ليخرج مع الخارجين فلا يعرف هو ولا نعرف معه، لماذا جاء ولا لماذا رحل.
وقد استبشرنا خيرا بالدستور الجديد الذى أعطى للبرلمان دورا مهما وكلمة حاسمة فى تعيين الوزراء وتشكيل الحكومات، وقلنا إن هذا الدستور سيضمن لنا مناقشات برلمانية ساخنة عند تعيين الوزراء قبل منحهم الثقة، لكننا للأسف وكما هو الحال دائما، نمتلك نصوصا عظيمة وتطبيقات بائسة لها.
فالبرلمان قبل 7 أشهر صوت بأغلبية كبيرة لصالح تعيين اللواء محمد على مصيلحى وزيرا للتموين بمجرد طرح اسمه عليه وعلى الرأى العام، وقلنا يومها إنه كان على البرلمان عقد جلسة استماع للرجل المرشح للوزارة ومناقشة أفكاره وخططه قبل منحه الثقة وهو ما لم يحدث.
والآن يتكرر الأمر مع التعديل الوزارى الأوسع الذى ضم 9 وزراء و4 نواب وزراء وفى لمح البصر وضع البرلمان بصمته على التعيينات الجديدة، ربما دون أن يعرف الكثيرون من الأعضاء الموقرين الذين وافقوا على التعديل أسماء الوزراء كاملة ناهيك عن معرفة مؤهلاتهم وخبراتهم وتصوراتهم للعمل فى وزاراتهم. وحدث هذا على الرغم من حديث بعض النواب عن اتهامات بالفساد تلاحق أحد الوزراء الجدد.
عندما يتحول البرلمان إلى «بصمجى» على قرارات السلطة التنفيذية سواء كانت تعيينات وزارية أو قوانين وتشريعات، فهو يضر السلطة والوطن أكثر مما يفيد.
ولو كان البرلمان ناقش تعيين الوزير السابق اللواء محمد على مصيلحى ودرس ملفه عند ترشحه للوزارة فى سبتمبر الماضى، لوفر على البلاد والعباد 7 أشهر من الفشل والمعاناة فى منظومة التموين.
ولو أن هذا البرلمان ناقش الوزراء الجدد ودرس ملفاتهم ووافق على من يستحق الموافقة واعترض على من لا يصلح لربما جاءت النتائج أفضل.
أما استمرار فلسفة التعديلات الوزارية فى مصر على حالها وتعامل السلطة التنفيذية مع التعديل الوزارى باعتباره مجرد وسيلة لشغل الرأى العام ووسائل الإعلام لمدة شهر أو أكثر بالحديث والتكهنات عن القادمين والراحلين لن يؤدى إلا إلى مزيد من الفشل الحكومى.
ثم إن تنازل البرلمان عن صلاحياته الدستورية وتخلى الأحزاب السياسية التى تمتلك كتلة برلمانية كبيرة نسبيا عن حقها فى المشاركة فى الحكم خطيئة وطنية، يدفع الشعب ثمنها من حاضره ومستقبله.
أخيرا فالبرلمان الذى يتجاهل حكما قضائيا نهائيا بتصعيد النائب الفائز عمرو الشوبكى ويترك مقعده خاليا بدون مبرر مقنع إلا أن يكون فى انتظار الأوامر من «أبانا الذى فى الأجهزة»، والبرلمان الذى يسقط عضوية النائب توفيق عكاشة فى لمح البصر، والذى يتجه إلى إسقاط عضوية محمد أنور السادات لأسباب واهية، والذى يختار ضابط سابق متهم فى قضايا تعذيب رئيسا للجنة حقوق الإنسان على حد قول المهندس نجيب ساويرس مؤسس حزب المصريين الأحرار، لا يملك إلا أن يبصم على أى تعديل قادم من القصر.