"هو الهري عن إيه النهاردة؟".. عبارة شهيرة تلخص حال مجتمع وتشير إلى الانحدار العلمي والثقافي والأخلاقي الذي وصل إليه تاركاً بيته وعمله وحاله وماله ليقضي الجزء الأكبر من وقته في الهري على صفحات السوشيال ميديا حيث أصبح شغله الشاغل سيرة الناس وأعراضها.
ماذا نفعل مع شعب احتل آخر القائمة فى جميع المجالات الإيجابية كالاقتصاد والتعليم والصحة والأمن وأول القائمة فى الظواهر السلبية كالفساد والتحرش الجنسي، وعدم احترام حقوق المرأة وانتشار الجريمة، وقمة القائمة في "الهري والغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس".
عذراً، فمشكلتنا الأساسية ليست في الحكومة التي نلقي عليها اللوم نحن المصريين منذ بدء الخليقة، المشكلة أصبحت فينا نحن؟ وما الحكومة إلا نحن!.
اسمحولي اثبت ذلك لكم بالارقام والحقائق العلمية التي تؤكد ان الشعب المصري شعب غير منتج فضلا عن الانحدار الرهيب في الأخلاقيات،
أولاً: مؤشر التنافسية العالمية الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، ويستند إلى أداء دول العالم في ثلاثة مجالات أساسية، هي المتطلبات الأساسية، ومحفزات الكفاءة، وعوامل الابتكار والتطور، أظهر تراجع ترتيب مصر في كثير من القطاعات لعام 2014 - 2015.
ثانياً: نشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصرى في يوليو 2015 بيانا حول ترتيب مصر على مستوى العالم في المؤشرات الدولية المختلفة لعام 2015 وأظهر تراجعا كبيرا لمصر في كل المجالات تقريبا.
ثالثاً: نشرت العديد من المنظمات الدولية تقارير أخرى في شتى المجالات، لم يتغير وضع مصر السيئ فيها، ملخصها كما يلي:
في المجال الاقتصادي، احتلت مصر المرتبة 142 عالميا من بين 144 دولة، كأكثر الدول عجزا في الموازنة العامة للدولة واحتلت الترتيب 140 من بين 144 دولة في مؤشر كفاءة سوق العمل لعام 2014- 2015، والترتيب 118 في مؤشر كفاءة سوق السلع في نفس العام كما أعلن الاتحاد العربي لتنمية الموارد البشرية، أن مصر احتلت المرتبة 112 في استقرار بيئة الأعمال من 189.
وفي المجال الأمني، احتلت مصر المرتبة 127 في معدل انتشار الجريمة، والمرتبة 140 في الأمن العام، والمرتبة 142 في التكلفة الناجمة عن الإرهاب على الاقتصاد، والمرتبة 137 من بين 162 دولة حول حالة السلام.
وفي أغسطس 2015، أعلنت منظمة الدفاع عن حقوق المرأة الدولية احتلال مصر المركز الثاني عالميا في انتشار ظاهرة التحرش الجنسي، حيث وصلت نسبة التحرش الجنسي للنساء المصريات إلى 64%.
وبالنسبة للعدل، احتل النظام القضائي المصري المرتبة 86 من بين 120 دولة من حيث سيادة القانون، بحسب ما أوردته إدارة مشروع "سيادة القانون حول العالم" التي تتخذ من واشنطن مقرا لها.
وفى المجال العلمي احتلت مصر المركز الأخير عالميا في جودة إدارة المدارس، والمرتبة 136 من بين 144 دولة في جودة التعليم، والمركز 120 في الابتكارات والاختراعات.
وفي التعليم العالي والتدريب لعام 2014-2015 احتلت مصر الترتيب 111 من بين 144 دولة، كما تراجعت إلى الترتيب 113 دوليا من بين 144 دولة في الابتكار والتطوير.
وبالنسبة للصحة احتلت مصر المركز الأول عالميا في انتشار ظاهرة ختان الإناث، وفي يونيو 2015 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن احتلال مصر المركز الأول عالميا من حيث أعداد ضحايا حوادث الطرق، بأكثر من 13 ألف قتيل و60 ألف جريح، بحسب إحصائيات عام 2015، الذي شهد وقوع أكثر من عشرة آلاف حادث بلغت خسائرها نحو ملياري دولار.
وفي المجال الاجتماعي احتلت مصر المرتبة 135 من بين 158 دولة في مؤشر "السعادة"، واحتلت المرتبة الخامسة في مؤشر البؤس العالمي.
كما احتلت المركز 119 من بين 144 دولة في تحقيق المتطلبات الأساسية للمواطنين، وخاصة الصحة والتعليم الأساسي لعام 2015 - 2014.
ولا يتوقف الأمر على ذاك فقط، بل أصبحت مصر أصبحت الأولى عالمياً في نسب الطلاق وبها أعلى نسبة للأمهات المعيلات تصل إلى 36% على أقل تقدير والأولى عربياً في العنف ضد النساء والأطفال وتعلنها الأمم المتحدة كل عام كأسوأ بلد عربي للنساء في كل شىء يعنى أسوأ من مناطق الحروب والمجاعات!
نرجع لمرجوعنا، مش مهم كل ده، أهم حاجة نعرف الهري عن ايه انهاردة!
السؤال بالبلدي "احنا ليه بقينا مأڤورين كدة؟" اصبحنا نعطي كل شىء أكبر من حجمه وأكتر من وقته؟ حتى أسلوب النقد اصبح سفيهاً كريهاً مهيناً، بدلا من أن يكون بنّاء من أجل الإصلاح والتغيير الايجابي.
أصبح هدفنا النقد من أجل النقد من أجل التسلية وتضييع الوقت أو الاستظراف أو الحصول على أكبر عدد من الشير واللايكس!
السؤال التاني من أين لكم كل هذا الوقت؟ والله لو أنكم قضيتم نصف هذا الوقت وانتم أكثر تركيزاً فى عملكم أو في محاولة تطوير أنفسكم أو تعلم مهارة أو حرفة جديدة أو حتى تثقيف أنفسكم قليلاً أو رفع الأذى والظلم عن الناس ما كان هذا حالنا ولأصبحتم في قمة الشعوب ولأصبح حالكم وحال البلد أفضل مليون مرة.
وأخيرا أنتم مدركون كم الذنوب اللي بتحملوها لأنفسكم كل يوم "على الصبح"؟ شوية الذنوب دي "فقط" غالباً هي اللي موقفالنا حالنا جميعاً ده على أقل تقدير.
أنتم مدركون أن كلمة واحدة في غير محلها ممكن تخرب بيوت؟ قليل من التفكير في الكلمة قبل أن تلقوها فنحن نتكلم كثيراً ولا نلقي بالاً للكلمة، تلك الكلمة التي يمكن أن تهوي بنا في الدرك الأسفل من النار أو تأخذ بأيدينا إلى أعلى درجات الجنة، فالكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الخبيثة اثم، وكلمة واحدة ممكن تحيي وكلمة ممكن تقتل، وكلمة ممكن تسعد وكلمة ممكن تتعس، وكلمة تبكي وكلمة تضحك، وكلمة تعلي وتكبر وكلمة تدمر، وكلمة ترفع الواحد سابع سما وكلمة تخسف به سابع أرض.
أصبحنا في مجتمع ليس فقط الأقوال فيه أكتر من الأفعال، بل وأقواله تحمل الكثير من الإثم والبهتان وللأسف نصبنا أنفسنا لمحاسبة الغير وإلقاء اللوم والاتهامات عليهم ونسينا انفسنا وقد سترنا الله فلا يوجد انسان على وجه الأرض معصوم من الخطأ ومن يعيب في الناس حتماً سيرى هذا العيب في نفسه أو أقرب الناس إليه.
قبل أن تحاسبوا الناس حاسبوا أنفسكم وإننا وإن كنا في مصائب ومحن وابتلاءات فهي من أنفسنا ووالله لن تقوم لهذا البلد قائمة أو ينصلح شأنه دون أن نصلح من شأننا ونعمل بضمير ونتوقف عن "الهري" غير البناء والخوض في أعراض الناس.
عاملوا الناس كما تحبوا أن تعاملوا.. وحتى يتحقق ذلك ونصبح مجتمعا أكثر رقياً وأكثر إنتاجاً ونجاحاً.. لنا الله!