نشأت وتربيت على احترام الرأى الآخر حتى وإن كان يتعارض مع آرائى الشخصية، فاختلاف الرأى كما تعلمنا لا يفسد للود قضية أو من المفروض ألا يفسد للود قضية. ولكن للأسف اختلاف الرأى فى زمننا هذا أصبح يعنى العداء والكراهية بل ويصل إلى شعور البعض بالغل والرغبة فى الانتقام ممن يختلفون معهم! بل وللأسف قد يصل الأمر الى انشقاقات بين أفراد الأسرة الواحدة وانقطاع صلة الرحم بينهم بل وإلى محاولة إلحاق الأذى بمن هم من لحمنا ودمنا أو من كانوا أاو مازالوا أحباءنا أو أصدقاء عمرنا.
وقد تأملت كثيراً فى من يتعاملون مع الاختلاف من هذا المنطلق ولا يتقبلون الرأى الآخر ويغالون بل ويفجرون فى ردود أفعالهم. وتسأءلت بينى وبين نفسى "ما هذا السواد؟" بالبلدى كده "انتوا جبتوا قسوة القلب وغباء العقل وقلة الرحمة دول منين؟؟ ألا تعلمون أن الاختلاف سنة كونية، ولا تعني بالضرورة أن اعادى الآخر او أبغضه أو أن أدخل معه في معركة خلافية هدفها الانتصار لنفسى؟ ألا تعلمون أن فى الاختلاف رحمة؟ ألا تعلمون أن فى الاختلاف علم ومعرفة؟ ألا تعلمون أن فى الاختلاف حياة؟ ثم حتى إذا اختلفنا لماذا يؤخذ هذا الاختلاف بشكل شخصى وكأن من اختلف معى عدو لى أو كأنه ضدى بصفة شخصية فأعاديه واحاربه بكل ما أملك من اسلحة؟!
يختلف الأشقاء من نفس الام والاب ومن نفس البيت ومن نفس الخلفية التعليمية والاجتماعية والتربوية فيما يحبون ويكرهون وفيما يعتقدون، فى آرائهم وأذواقهم وأخلاقهم ولو كان الاتفاق فى كل شىء نعمة ما خلقنا الله مختلفين ولو كان جنة فنحن لسنا فى الجنة بعد.. فلله حكم كثيرة فى الاختلاف فلولا اختلاف الاذواق لبارت السلع ولولا اختلاف الآراء لأصبح الناس نسخاً مكررة يتزاحمون على نفس الطريق ونفس الهدف والاتجاه، ولولا اختلاف الآراء لتوقفت العقول عن الإنتاج وما كنا رأينا تقدما ولا تطورا ولا اجتهادات ولا اختراعات ولا ابتكارات ولا علماء ولا انجازات!
ليس العجيب أن يختلف الناس فى آرائهم واتجاهاتهم وميولهم واذواقهم ولكن العجيب ان يتخاصموا بل ويفجروا بسبب هذا الاختلاف، فلا أحد يحتكر الحقيقة المطلقة ولا الصواب المطلق وكلنا نجتهد فى هذه الحياة فنصيب ونخطىء ثم نصيب ونخطىء وهكذا. وإن لم نختلف فما كنا أصبنا، وإن لم نختلف فما كنا تعلمنا من أخطائنا.. ففى الاختلاف ثقافة فيا ليتنا.. يا ليتنا نتعلم ثقافة الاختلاف وياليتنا نكون على قدر من التحضر فنتعلم ثقافة وآداب التعامل مع هذا الاختلاف بأخلاق وآداب الأديان وأصول مجتمعنا.
رحم الله العزيز عمر بن الخطاب حين قال "أصابت امرأة وأخطأ عمر" ويقول الله تعالى "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم". فلتعلموا أن الدين لا يريد من الأشخاص أن يكونوا متطابقين إلى درجة زوال الفروق الفردية بينهم، ولا أن يكونوا متنافرين بحيث يصبحوا أعداء متشاحنين، لكن أن يكونوا متقاربين متفاهمين فلا يغلوا ولا يتباغضوا من أجل اختلاف الآراء.
وأقول لكل من يدعي علماً ومعرفة "علمت بعض الأشياء وغابت عنك اشياء كثيرة" فيا ليتك تتعلم ثقافة الاختلاف وآداب التعامل معه كى ترحم نفسك وغيرك من شرور نفسك!!
*مؤسسة صفحة Egyptian single mothers على فيسبوك