تحليلات وآراء

بعد أن أبحرت بتعمق فى أحوال الأمهات المعيلات ومشاكلهن ومعانتهن وما يواجههن من تحديات هن وأطفالهن، بت مقتنعة أن الحل ليس فى القوانين ولا التشريعات ولا الأحكام، بقدر ما هو فى الضمير والأخلاق والانسانية.

نعم أعلنها وبشدة وثقة وعلى كامل مسئوليتى الشخصية؛ لقد أصبحنا نفتقر للأخلاقيات والشهامة المصرية الأصيلة التي تربينا عليها، وتاهت عقولنا عن قيمة أعز المنح الربانية لنا.

وبعد أن كنت أنادي بعدم الاستشهاد بالأطفال في المحاكم لاثبات عدم انفاق الاب عليهم ومطالبتي بانتداب مشرف اجتماعي الى مقر إقامتهم للتأكد من ذلك، جاءت من تقول لي "لقد فتحت علينا باب الرشاوى، فسيقوم الأب برشوة هذا المندوب لكتابة التقرير لصالحه" وقد استوقفني هذا التعليق بصراحة، فرغم أني أعلم يقيناً قسوة المشهد المهيب والمهين للكرامة الذي يقف فيه الأطفال أمام والدهم ليقروا أمام القاضي أنه لا ينفق عليهم.

وأعلم يقينا وقد شهدت دموع الأطفال بنفسي وهم ينطقون بهذه الشهادة الأليمة في قلب المحكمة، ما له من تأثير سلبي عنيف على نفسيتهم وفي الأغلب على شخصيتهم لسنوات عديدة، إلا أننى أعلم يقينا كم الفساد والتلاعب والرشاوى خاصة في قضايا الأحوال الشخصية ومقتنعة وبشدة أنه من الوارد جداً فتح الباب لتقارير ملفقة ليس لها أي مجال من الصحة تخدم صالح الأب دون الطفل لمجرد أنه "شخشخ جيبه وظبط المندوب".

لقد أصبحنا للأسف في مجتمع تسود فيه ثقافة الإنتقام، وبه نسب هائلة للعنف الأسرى يستغل فيه الرجال قوة عضلاتهم فيضربون النساء، ويستغلون قدرتهم المادية فلا يترددون فى دفع الرشاوى للانتقام من أمهات أبنائهم، ويتحايلون لإخفاء دخلهم، ويلفقون لهن التهم، ويتفنون فى الحاق الأذى بهن.  

ولا عجب أن تتزايد أعداد الأطفال المشردين في الشوارع طالما يستغل الرجال تمكين القوانين لهم فيتخلون عن مسئوليتهم المادية والمعنوية تجاه أولادهم.

ألا يعلم الآباء أنهم بهذا يظلمون أبناءهم، وهم أمانة فى رقابهم، ألا يعلمون أن تصرفاتهم الانتقامية تطال من سيحاسبون يوم القيامة على عدم رعايتهم.. ستطال أبناء لا حول ولا قوة لهم، ويفترض أن يكون الآباء مصدر الآمان لهم.. أبناء وضعوا في الآباء كل آمالهم وأحلامهم.

لقد أصبحنا وبحق فى غابة، غاب فيها الضمير وانعدمت فيها الأخلاق وضٌرب بالقوانين عرض الحائط! ما المخرج اذن؟ من سيحمينا من ثغرات أي قانون؟ من سيحمينا وأولادنا من التلاعب والفساد، من سيحمينا من شرور أنفسنا؟ .. والله لن يحمينا إلا ضميرنا وأخلاقنا وخوفنا من الله قبل أن تحمينا القوانين.

هذه دعوة لمراجعة النفس وصحوة الضمير، إلى كل رجل، إلى كل أب.. رفقاً بأبنائكم، وكفى بالمرء إثماً ان يضيع من يعول.

*مؤسسة صفحة Egyptian single mothers على فيس بوك

 

تعليقات الفيسبوك

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys