هل ستأتى استثمارات أجنبية واسعة النطاق للسوق المصرية فى الفترة المقبلة، خصوصا بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولى المزمع توقيعه بصورة نهائية خلال أسابيع؟!
بعيدا عن الأمنيات والآمال والأحلام، فإن تغييرات موضوعية تقول إن هناك استثمارات سوف تأتى ولكن ليس بالصورة التى نحلم بها؟.
لماذا هذا التشاؤم أو لنسميه عدم التفاؤل؟. السبب الرئيسى أن أحد الشروط الأساسية لقدوم أى مستثمر أن يكون هناك سعر موحد للعملة ــ خصوصا الدولار ــ التى يتعامل بها، والأهم أن يكون قادرا على إدخال وإخراج العملة الأجنبية فى أى وقت.
السؤال: هل هذا سوف يتحقق قريبا؟!. أغلب التقديرات تقول إنه يصعب على الحكومة المصرية أن تتخذ قرارا صادما ومباشرا وقريبا بالتعويم الكامل للجنيه، حتى لا تنفجر الأسعار وينهار الجنيه المصرى بصورة دراماتيكية، خصوصا فى ظل أن معظم مصادر الدولار لم تعد تعمل بصورة جيدة مثل تحويلات العاملين المصريين فى الخارج والسياحة والاستثمارات الأجنبية والصادرات مصحوبة بالتباطؤ فى التجارة العالمية.
وفى ظل كل ذلك، فالمتوقع أن تعويم الجنيه سيكون جزئيا وليس كاملا، والتقديرات تتراوح فى معظمها ما بين عشرة إلى ١١ جنيها للدولار، وكانت هناك إشارة لافتة إلى ذلك فى يوم الاثنين الماضى فى افتتاح مؤتمر «اليورومنى» حينما جرى استطلاع رأى لبعض خبراء الاقتصاد فأشاروا إلى سعر الـ١١ جنيها للدولار.
إذا تم ذلك، فإن الحكومة ستكون ملزمة بتوفير الدولار للاحتياجات الأساسية، وسوف تستمر السوق الموازية أو السوداء، بصورة أو بأخرى لتلبية الاحتياجات المتبقية، وسيكون سعر الدولار فيها يتراوح ما بين ١٢ إلى ١٣ حنيها وربما 14 جنيها.السؤال ما هى الخطة البديلة فى هذه الحالة؟
هذا المناخ لن يغرى كثيرا من المستثمرين الأجانب بالقدوم وبالتالى فإن على الحكومة أن تفكر فى بديل مهم وحيوى ووطنى وهو دعم المستثمرين المصريين، خصوصا الفئة الجادة منهم والتى تعمل بالفعل الآن، وبالأخص التى عملت فى ظل كل الظروف المعاكسة والصعبة فى السنوات الثلاث الماضية.
قد تأتى استثمارات من هنا أو هناك، لكن ينبغى على الحكومة أن تراهن على المستثمرين ورجال الأعمال المصريين وتدعمهم بكل السبل طالما كانوا يعملون بصورة طبيعية وقانونية، الهدف الأساسى من وراء كل ذلك هو توفير أكبر عدد ممكن من فرص العمل، الذى سوف يشكل بدوره أكبر شبكة حقيقية للحماية الاجتماعية خصوصا لمحدودى الدخل والشريحة الأقل فى الطبقة المتوسطة.
تشجيع ودعم المستثمرين المحليين يكون بالعديد من الشروط والقواعد المعروفة للجميع، يمكن للحكومة غدا أن تجعل عشرات ومئات المستثمرين يتجهون للعمل فى الصعيد إذا قدمت لهم تسهيلات كثيرة نسبية مقارنة بمن يستثمر فى القاهرة والدلتا مثلا.
يمكن للحكومة أن تشجع اقامة مشروعات تستوعب عمالة كثيفة، ويمكن لها أيضا أن تدعم المصدرين الجادين وليس أولئك الذين أدمنوا الاستيلاء على أموال صناديق دعم الصادرات بالأوراق المضروبة.
لكن وحسب خبير أثق فى علمه نزاهته فإن الحكومة لو كانت جادة فعلا فيمكنها أن تتخذ إجراء واحدا سريعا يحل العديد من المشاكل وهو تسوية المنازعات مع المستثمرين فورا وطبقا للقانون.
لو فعلت ذلك، فسوف تضمن تغيرا حقيقيا فى مناخ الاستثمار فى وقت سريع.. وإذا نجحت فى ذلك فإنها لن تكون تحت رحمة الاستثمار الأجنبى الذى يأتى ويذهب طبقا لشروط وقواعد مختلفة ليست دائما اقتصادية.
هذا المقال منشور في صحيفة الشروق بتاريخ 21 سبتمبر 2016.