تحليلات وآراء

الطريقة التى وافقت بها الأغلبية فى مجلس النواب على تعيين وزير التموين الجديد، تؤكد أن هذه الأغلبية لا ترى فى الدستور وما منحه للبرلمان من صلاحيات ليس أكثر من حبر على ورق. فالسادة النواب صوتوا بالموافقة على تعيين الوزير الجديد دون مناقشة ولا حتى سابق معرفة بالرجل الذى رشحته السلطة التنفيذية لهذا المنصب. ليس هذا فحسب بل إن النواب لم يعرفوا اسم الوزير الجديد قبل إعلانه على المنصة للتصويت على تعيينه وهو ما يعنى أن هؤلاء النواب أعطوا موافقتهم على تعيين شخص لا يعرفون أكثر من اسمه وبيانات سيرته الذاتية التى ذكرها رئيس المجلس ودون أن يعرفوا ما إذا كان الرجل لديه رؤية للنهوض بأداء وزارته أو يحمل المؤهلات المطلوبة لهذه الوزارة أم لا.

بالطبع فإن ضيق الوقت لم يكن فى صالح النواب، حيث إن الوزير السابق خالد حنفى استقال منذ أسبوع وبات على البرلمان الموافقة على تعيين الوزير الجديد فى اليوم الأخير لدور الانعقاد الأول الذى انتهى أمس حتى لا تظل الوزارة بلا وزير لحين عودة البرلمان إلى الانعقاد مجددا الشهر المقبل. لكن أما كان من الأجدر بالحكومة أن تعلن اسم الوزير المرشح قبل طرحه على البرلمان بيوم أو يومين حتى يتمكن كل نائب من البحث والسؤال عن اسم المرشح لكى يحدد ما إذا كان سيصوت له أم لا؟ وهل تشاورت الحكومة مع الهيئات البرلمانية حول الاسم المطروح لتولى المنصب الوزارى قبل إرساله إلى البرلمان؟

السيناريو الذى تم به التصويت على تعيين الوزير الجديد ينطوى على إساءة للدستور وللشعب ونوابه رغم أنه تمت بموافقة هؤلاء النواب. فالحكومة أرسلت اسم الوزير المرشح فى «ظرف مغلق» فى اللحظة الأخيرة من عمر الدورة البرلمانية الأولى وكأنها تدرك أن موافقة الأغلبية تحصيل حاصل وأن مجلس النواب ليس إلا«برلمان تحت الطلب» يوافق على ما تقترحه الحكومة دون نقاش.

وقد يكون ما قاله رئيس البرلمان عن أن الدستور لا يسمح بمناقشة المرشح للمنصب الوزارى ولا مناقشة الترشيح نفسه قبل التصويت عليه صحيحا، ومع ذلك فقد كان من حق، بل من واجب النواب أن يعرفوا اسم الوزير المرشح ومؤهلاته ومبررات اختياره قبل أن يصوتوا لصالحه، خاصة وأن الحكومة الحالية ليست حكومة حزبية وبالتالى فليس لها ظهير برلمانى يبرر هذه الثقة فى تصويت البرلمان لصالح مرشحها الوزارى.

أخير أبت الأغلبية ومعها رئاسة مجلس النواب أن تنتهى هذه الدورة البرلمانية دون أن يؤكدوا حقيقة أنهم «برلمان لا يرى إلا ما ترى السلطة التنفيذية». فعندما قال النائب هيثم الحريرى أثناء مناقشة قرض سعودى لتمويل تطوير مستشفى قصر العينى إنه يشكر السعودية على دعمها لمصر ويؤكد أن تيران وصنافير مصرية، هاجت القاعة وماجت وقرر رئيس مجلس النواب حذف هذه العبارة من المضبطة وكأن النائب الشاب قال «كلمة أبيحة»، رغم أن تيران وصنافير مصرية بحكم محكمة لم يتم نقضه حتى الآن وهو ما يعنى أنه مازال «عنوان الحقيقة».

المقال منشور في صحيفة الشروق الخميس 8 سبتمبر 2016.

 

 

تعليقات الفيسبوك

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys