قد يكون وزير التموين الأسبق د. خالد حنفى بريئا من كل الاتهامات التى يوجهها له البعض فى قضايا فساد القمح، وقد تكون أيضا الشائعات التى تلاحقه حول مصدر الـ 7 ملايين جنيه التى تكلفتها إقامته على مدار 3 سنوات فى فندق سميراميس، مجرد أكاذيب، فحتى الآن لا تزال النيابة تبحث فى جدية البلاغات المقدمة ضده، وقد ترى فى نهاية إجراءاتها أن الوزير لا تشوبه شائبة فساد.
ومع ذلك، وبعيدا عن الإجراءات القانونية، فالوزير السابق مطالب من الناحية السياسية، أن يوضح للرأى العام تفاصيل «المنطقة الغامضة» التى تربطه مع أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية، والذى تردد انه هو الذى رشحه كوزير للتموين فى حكومة المهندس ابراهيم محلب، بعد سنوات طويلة من عمله مستشارا للاتحاد، وهل فعلا ان الوزير أصدر قرارات تتعلق بتصدير واستيراد السكر والأرز، استفاد منها الوكيل وحقق أرباحا فلكية، أم أن كل هذه القرارت كانت سليمة قانونيا، ولا تحمل أية شبهة محاباة للوكيل؟
وزير التموين السابق مطالب بأن يرد على الاتهامات التى تحمله وحده مسئولية ارتفاع اسعار هاتين السلعتين ونقصهما فى الأسواق، فبعد أن أصدر قرارا بضم السكر المستورد لمنظومة التموين سواء فى المجمعات أو التاجر التموينى، حدد سعر كيلو السكر المصرى بـ 5.15 جنيه، فى حين كان سعر نظيره المستورد 4.50 جنيه، فازداد الإقبال على شراء المستورد، وقل على نظيره المصرى، لدرجة أن المخزون الراكد من هذه السلعة الاستراتيجية لدى شركاتنا الحكومية بلغ 1.2 مليون طن وهو نصف انتاجنا المحلى، وهو ما ضاعف ارباح مستوردى السكر وعلى رأسهم أحمد الوكيل، كما تقول التسريبات!
وحتى عندما استجاب الوزير لشكاوى شركات السكر المصرية، بإصدار قرار بفرض رسم اغراق بنسبة 20% بحد أدنى 700 جنيه على كل طن سكر مستورد، فإن هذا القرار لم يتضمن مده محددة مما يجعله غير قانوني طبقا لاتفاقية الجات، وهو ما دفع شركة «وكالكس» المستوردة للسكر لرفع قضية كسبتها بالفعل.
الوزير مطلوب منه أيضا أن يوضح للرأى العام سبب تأخيره فى قرار منع تصدير الأرز حتى وصل سعره إلى 8 جنيها، وهل صحيح أيضا ان هذا القرار لم يصدر إلا بعد أن انتهى احمد الوكيل من تصدير كل الكميات التى تملكها شركته للخارج؟
لا أحد يملك أدلة واضحة تدين الوزير، كما ان علاقته الوظيفية قبل توليه الوزراة، مع اتحاد الغرف التجارية لا تكفى ابدا لتوجيه أى اتهامات بالفساد له ـ ولكنها تفرض عليه هو شخصيا توضيح أسباب قراراته التى أدت إلى رفع أسعار هاتين السلعتين اللتين لا غنى عنهما فى أى بيت مصرى.
صحيح أن كل ما يرد من اتهامات الوزير لا يحمل أى أدلة مؤكدة يمكن أن تدينه، إلا أن حكومة شريف اسماعيل التى وجهت الشكر للوزير المستقيل، وتمنت له ــ كما نشرت بعض الصحف – أن يعيش حياته بسعادة، مطالبة قبل الوزير شخصيا بالرد بشفافية على ما يثار بشأن قراراته حول السكر والأرز، والتى أدت إلى خسائر فلكية تحملتها الشركات الوطنية.
الحكومة قبل الجهات القضائية مطالبة بإجراء تحقيقات حول قرارات وزيرها السابق، وهل كانت فعلا قرارات صحيحة لا تشوبها رائحة فساد أم لا؟
ليس فقط لأن المسئولية فى الحكومة تضامنية، ولكن لأن ظروفنا الاقتصادية الصعبة لا تتحمل أى قرارات خاطئة حتى لو كانت سليمة قانونيا، كما أنها مطالبة ايضا بفتح ابواب النقاش المجتمعى حول حيتان الاستيراد والتصدير فى مصر الذين يحققون ارباحا بالمليارات فى بلد يعيش اكثر من 27% من أبنائه تحت خط الفقر.
إقالة وزير أو استقالته لا تكفى فى ظل قرارت صعبة ينتظرها المصريون من حكومة لا يبدو انها تشعر بمعاناتهم اليومية فى توفير لقمة العيش!