تحليلات وآراء

ما دايم إلا وجه الله.. لكن من يعتبر ويتعظ؟!.

توفيق عكاشة كان ملء السمع والبصر، وظن أنه قادر على الدنيا، وفجأة وفى لمح البصر صار منبوذا من الجميع، بعد أن طرده مجلس النواب بطريقة مهينة وأسقط عضويته على خلفية اجتماعه الغريب والمريب مع السفير الصهيونى بالقاهرة حاييم كورن قبل نحو أسبوع.

زميلى محرر «الشروق» البرلمانى النابه إسماعيل الأشول روى لى مشاهداته لعكاشة خلال يوم إسقاط العضوية يوم الأربعاء الماضى، ومقارنته بالمعاملة التى كان يلقاها عكاشة قبل اجتماعه بالسفير.

على عهدة الأشول فإن عكاشة كان يلقى أفضل معاملة من جميع النواب، بل إن معظم زملائه كان يسعى لالتقاط الصور التذكارية معه باعتباره نجما.

غالبية موظفى المجلس كانوا يفتحون له كل الأبواب، ويعاملونه بتقدير لكن فى يوم الأربعاء الماضى اختلف كل شىء. الموظف العادى الذى كان يسارع بفتح الأبواب أمام عكاشة والابتسام والتودد الدائم له، صار عابسا وغاضبا وممتقعا، وفى أفضل الأحوال ذا وجه محايد. وكأن هناك قوى خفية غيرت كل شىء وحولت عكاشة من نجم كبير إلى رجل بائس يائس يتذلل للجميع خلال عملية التصويت على إسقاط عضويته قائلا: «أبوس إيديكم عايز أدخل جوه القاعة عشان أعتذر للجميع»!!!.

عكاشة لم يكن يتخيل أغلب الظن أن نهايته ستكون بمثل هذه الدراما والأهم بمثل هذه السرعة. الرجل ــ وهو معذور حقا ــ ظن أنه قادر على الدنيا وفاهم فى اللعبة السياسية، وهذا هو الخطأ الذى يقع فيه عدد كبير من الذين يمارسون السياسة فى المشهد المصرى الراهن.

قبل شهور رأيت بعينى المعاملة التى يتلقاها عكاشة من العديد من المسئولين رفيعى المستوى من سفراء ولواءات ومسئولين وسياسيين كبار. بعضهم كان يتسابق على التقاط صور تذكارية معه. قد يعتقد البعض أن هذا أمر طبيعى، فعدد كبير من الناس يهوى التقاط صور مع المشاهير، وليس شرطا أن يكون معجبا بهم أو بكل آرائهم وأفكارهم. لكن المفارقة أننى سمعت بعضهم ولم يكن يخفى إعجابه بالرجل ويرونه سياسيا قديرا ومطلعا، ويثق به بعض المسئولين ويمدونه بالمعلومات والتقارير شديدة السرية.

وإلى أن نعرف التفاصيل والكواليس والأسرار التى أحاطت باستقبال عكاشة للسفير الصهيونى فى منزله، فالمؤكد أن عكاشة ربما يكون قد أخطأ خطأ جسيما فى قراءة الصورة والمشهد فى مرات كثيرة ومنها إعلان ترشحه لرئاسة المجلس قبل أن يفيق على الحقيقة المرة التى لم تعطه إلا أصواتا قليلة.

ربما يكون اعتقد أنه صار أكبر من الذين استفادوا منه أو «شغلوه»، ربما لم يكن يعرف معنى «الدولة العميقة» حتى بتعريفها الإيجابى. أغلب الظن أن عكاشة «تجاوز كل البراميل»، وبالتالى كان حتميا ان يتعرض لما تعرض له يوم الأربعاء.

الذين ابتسموا فى وجهه عبسوا وتجهموا واكفهروا. وبالتالى فالدرس الذى ينبغى أن يصل لكل من هم فى حالة توفيق عكاشة هو ضرورة القليل من التواضع ومعرفة الحدود وعدم تجاوزها حتى لا تكون نهايتهم مشابهة لنهاية عكاشة.

وبما أنه لا توجد حياة سياسية راسخة وجماهيرية، وأحزاب فاعلة ومجتمع مدنى قوى، فإن التدخلات فى المشهد السياسى بكل تجلياته سوف تستمر حتى إشعار آخر.

وبالتالى على كل «العكاشنة» الاتعاظ مما حدث لزعيمهم، والتفكر والتدبر فى الدرس القاسى، وهو أن الدولة خلافا لما يظنه كثيرون لاتزال قادرة على البطش بمن يعتقد أنه أقوى منها.

تعليقات الفيسبوك

التصميم والتطوير بواسطة WhaleSys